الصفحات

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -36-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (36)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -


 عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى حُنَين ونحن حُدَثاء عهد بكفر وللمشركين سِدْرة يعكُفون عندها ويَنُوطُون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط. فمررنا بسِدْرة فقلنا يا رسول الله، اجعل لنا ذاتَ أنواط كما لهم ذاتُ أنواط. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الله أكبر -إنها السُّنَن- قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: ١٣٨] لتركبُن سَنَنَ من كان قبلكم
رواه الترمذي وصححه.

أبو واقد الليثيّ: هو الحارث بن عوفٍ صحابيٌّ مشهور مات سنة ٦٨هـ وله ٨٥ سنة.
حُنَيْن: وادٍ يقع شرقي مكة بينه وبينها بضعةُ عشر ميلاً، قاتل فيه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبيلة هوازِن.
حُدَثاءُ عهدٍ بكُفْرٍ: قريبٌ عهدنا بالكفر.
يعكِفون: يقيمون عندها ويعظِّمونها ويتبركون بها.
ينوطون أسلحتهم: يعلِّقونها عليها للبركة.
أنواط: جمع نَوْطٍ: وهو مصدرٌ سُمِّي به المنوطُ، سمِّيت بذلك لكثرة ما يناط بها من السلاح لأجل التبرك.
 اجعل لنا ذات أنواط: سألوه أن يجعل لهم مثلها.
الله أكبر: أجلُّ وأعظم صيغة تعجب.
السُّنن: بضمِّ السين: الطرق أي سلكتم كما سلك من قبلكم الطرق المذمومة.
إسرائيل: هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام.
سُنن من كان قبلكم: بضم السين طرُقهم ويجوز فتح السين بمعنى طريقِهم.
 
 المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر أبو واقد عن واقعةٍ فيها عجبٌ وموعظة وهي أنهم غزوا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبيلة هوازن وكان دخولهم في الإسلام قريباً فخفي عليهم أمر الشرك. فلما رأوا ما يصنع المشركون من التبرك بالشجرة طلبوا من الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يجعل لهم شجرة مثلَها. فكبَّر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استنكاراً وتعظيماً لله وتعجُّباً من هذه المقالة. وأخبر أن هذه المقالة تشبه مقالة قوم موسى له لما رأوا من يعبد الأصنام: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وأن هذا جريانٌ على طريقتهم. ثم أخبر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن هذه الأمة ستتبع طريقة اليهود والنصارى وتسلك مناهجَهم وتفعل أفعالهم وهو خبرٌ معناه الذم والتحذير من هذا الفعل.
 
 مناسبة الحديث للباب:
أن فيه دليلاً على أن التبرك بالأشجار وغيرها شركٌ وتأليه مع الله.
 
 ما يستفاد من الحديث: 
١- أن التبرك بالأشجار شركٌ ومثلها الأحجار وغيرها.
٢- أن المنتقل من الباطل الذي اعتاده لا يُؤمن أن يكون في قلبِه بقيةٌ من
 تلك العادة.
٣- أن سبب عبادة الأصنام هو تعظيمُها والعكوفُ عندها والتبرك بها.
٤- أن الإنسان قد يستحسن شيئاً يظنه يقربه إلى الله وهو يبعده عنه.
٥- أنه ينبغي للمسلم أن يسبح ويكبر إذا سمع ما لا ينبغي أن يقال في الدين وعند التعجب.
٦- الإخبار عن وقوع الشرك في هذه الأمة وقد وقع.
٧- عَلَم من أعلام نبوته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيثُ وقع الشرك في هذه الأمة كما أخبر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
٨- النهيُ عن التشبه بأهل الجاهلية واليهود والنصارى، إلا ما دلّ الدليل على أنه من ديننا.
٩- أن الاعتبار في الأحكام بالمعاني لا بالأسماء، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جعل طلبتهم كطلبة بني إسرائيل ولم يلتفت إلى كونهم سمُّوها ذات أنواط.
_____________________
(¹) أخرجه الترمذي برقم "٢١٨١" وأحمد في المسند "٥/٢١٨" وقال الترمذي: حديث حسن صحيح..
══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٩١-٩٢-٩٣ ]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق