احدث المواضيع

مقالات

العدوالمتخفي | القرامطة وهجومهم على مكة |

العدوالمتخفي
القرامطة وهجومهم على مكة في القرن الرابع الهجري

في سنة سبع عشرة وثلاثمائة هاجم قرامطة البحرين مكة المكرمة في موسم الحج، وأعملوا السيوف في رقاب الحجيج، واستحلوا حرمة البيت الحرام، فخلعوا باب الكعبة، وسلبوا كسوتها الشريفة، واقتلعوا الحجر الأسود من مكانه، واحتملوه إلى بلادهم، وأعملوا السل والنهب في البلد الحرام،وقتلوا زهاء ثلاثين ألفا من أهل البلد ومن الحجاج وسبوا النساء والذراري، وانقلبوا إلى بلادهم يحملون الحجر الأسود حيث أبقوه عندهم نحو اثنتين وعشرين سنة، ثم أعادوه إلى مكة.
فمن هم القرامطة؟ وما هي معتقداتهم؟ وما السبب الذي دعاهم إلى انتهاك الحرمات، والكيد للإسلام وأهله على هذا النحو المريع؟ وما وقائع هذا الحادث بالتفصيل؟ وماذا كان هدفهم من انتزاع الحجر الأسود؟ وما الصفة التي ردوه عليها؟ ولماذا ردوه؟.
يقوم هذا البحث بالرد على هذه الأسئلة في شيء من الإيجاز معتمدا على عدد من المصادر الأصلية في الموضوع من عربية وفارسية، وهي المصادر التي وردت فيها أخبار ها الحدث منبثة ومتفرقة، ضمن أخبار القرامطة، ومن ثم أصبح لزاما علينا إلا نعني إلا بهذا الحادث وحده، ولا نلقي بالا إلى الوقائع والأحداث الأخرى المتداخلة معهم الله إلا إذا كانت هذه الأحداث والوقائع تلقى ضوءا أو تفسر غامضا من الحدث الرئيسي الذي خصصناه لهذا البحث.
وتنسب القرامطة إلى مؤسسها حمدان بن الأشعث الملقب بقرمط وكان قد قدم من خوزستان ونزل بموضع في الكوفة حوالي سنة 273 وتظاهر بالزهد والورع والتقشف، وكان ينسج الخوص، ويأكل من كسب يده، ويكثر من الصلاة، وأقام على ذلك زمنا، وكان إذا تردد عليه الناس وجلسوا إليه، حدثهم أمر الدين وزهده في الدنيا، وأخبرهم أن الصلاة المفروضة على الناس خمسون صلاة في اليوم والليلة، حتى نشا ذلك بموضعه، ثم أعلمهم أنه يدعو إلى إمام من أهل البيت، فأقام على الدعاية حتى اجتمع حوله أناسا كثيرون.
والقرامطة ينتمون إلى الإسماعيلية، وهي طائفة من طوائف الشيعة، وقد أتقن هؤلاء الإسماعيلية فنون الدعوة إلى مذهبهم كل الإتقان، وبثوا دعاتهم في المناطق المتطرفة وبين الناس يغلب عليهم الجهل وقلة النظر والبحث، فيستميلون الناس إلى مذهبهم.
ولا شك أن نظرية الإمامة هي أهم مبادئ هذا المذهب، وهي الفيصل بينهم وبين سائر مذاهب الشيعة، فهم يقولون أن العالم لم يخل من أمام ولن يخلو من أمام، فالإمامة متسلسلة من آدم عليه السلام، ولا بد أن يكون ابن أماما، وابن ابنه الذي سوف يتولى الإمامة من بعده، قد ولد أو انفصل عن صلبه، ويقولون أن هذا هو المعنى الآية ((ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ)) [آل عمران:34]، والآية ((وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ)) [الزخرف:28]، فلما احتج علي الشيعة بالحسن بن علي، وكان إماما باتفاق الشيعة أجمعين، بينما لم يكن ابنه إماما، قالوا أن إمامته مستودعة، أي لم تكن ثابتة أو مستقرة، أو هي عارية، أما إمامة الحسين فكانت مستقرة، والآية ((فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ)) [الأنعام:98]، تشير إلى ذلك.
ولا يكون الإمام ظاهرا على الدوام، فهو أحيانا يظهر وأحيانا يستتر، مثله في ذلك مثل الليل والنهار متعاقبان.
ومن أهم النظريات الفارقة عندهم نظرية التأويل، أي تفسير النصوص على غير ظاهرها، فهم يقولون بأن الرسل هم أصحاب التنزيل والأئمة أصحاب التأويل.
والأئمة كانوا دائما موجودين إلى جانب الرسل، فكل رسول يصحبه أمام مهمته تأويل وحي الله إلى الرسول، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة الإمام.
والتأويل عندهم هو الباطن، وللشريعة عندهم ظاهر وباطن فإذا كان الإنسان عارفا بباطن الشريعة فلا شي إن هو استهان بالظاهر ولم يؤدي الفرائض، ولم يحل الحلال ويحرم الحرام.
ويشير الوزير السلجوفي نظام الملك في كتابة سياسة تامة إلى أن القرامطة ما هم إلى فرقة من الفرق الباطنية التي انتشرت كل حين في أرجاء العالم الإسلامي، وتسمت باسم مختلف، في حسن أن عقائدها كلها متشابهة، وهم يضرون الكيد، ويكنون الحقد للأمة الإسلامية ويتربصون بها الدوائر، ويطلق عليهم في بغداد وما وراء النهر وغزنة قرمطية، وفي الكوفة مباركيه، وفي البصرة رواندية وبرقمية، وفي الرس خلفية وباطنية، وفي كزكان محمرة، وفي الشام مبيضة، وفي المغرب سعيدية، وفي الحسا والبحرين جنابية، وفي اصفهان باطنية، بينما هم يسمون أنفسهم) تعليمية) أي أنهم لا يبرءون أمرا أو يأتون عملا إلا بناء على تعليمات أمامهم الحي القائم أبدا، ولي لهم من هدف إلا الإطاحة بالإسلام وهم أعداء لأهل ببيت رسول الله عليه السلام...
وكان مبدأ أمرهم في البحرين (القديمة) وكانت بداية القرامطة هناك أن أحد دعاتهم خرج إلى) القطيف) عاصمة البحرين وأعظم مدنها في الإسلام، والتقى بمن بها من الشيعة وأخبرهم أنه رسول المهدي إليهم، وقد قرب خروجه وأوصاهم بالاستعداد والتأهب، وكان عددهم لا يزيد على ثمانمائة، وكان من بينهم رجل يسمى بأبي سعيد الحسين بن بهرام الجنابي، بصفه القاضي عبد الجبار الهمذاني بقوله:) كان يبيع الطعام والدقيق في أحدى قرى البحرين، وكان شويسرا فاسقا جاهلا لا يعرف من كتاب الله شيئا، ولا من سنة نبية ولا شيئا من الأدب، ولا شغل له إلا بالمعاش.
وقد عظم أمرهم بالبحرين فأغاروا على نواحيها، وقرب بعضهم من البصرة، وكان ذلك في سنة سبع وثمانين ومائتين (287 هـ)، ونادي أبو سعيد الجنابي في الناس حين سيطر على منقطة البحرين بعد أن هزم الجيوش التي جردها الخليفة العابس لقتالهم – بأنه رسول الإمام وبأن الإمام مقيم في بعض هذه الجبال، وهو المهدي، وأنه في سنة ثلاثمائة للهجرة يخرج ويملك الأرض لكها.
فلما كانت سنة ثلاثمائة لم يظهر الإمام الموعود، ولم يلبث أبو سعيد نفسه أن قتل، فتله خادم من خدمه في الحمام في سنة أحدى وثلاثمائة (301).
ولما قتل أبو سعيد كان قد استولى على هجر والإحساء والقطيف والطائف وسائر بلاد البحرين.
ومن استقراء تطور الأحداث في تلك الفترة نلاحظ على القرامطة ما يلي:
1- أنهم كانوا من الإسماعيلية يدعون إلى أن الإمامة قائمة في أبناء محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وأن أمامهم قائم حي، وأعلنوا أنهم ليسوا كالرافضة والاثنى عشرية الذين يقولون أن لهم أماما ينتظرونه.
2- تمكن القرامطة من فتنة عدد كبير من الفلاحين وأهل البادية، وضموهم إلى مذهبهم، ووعدوهم بأن التوبة عليهم لكن يمسكوا أزمة الأمور في هذا العالم، بعد أن كانوا مستضعفين مستذلين، يستغلهم سادتهم من الحكام والأغنياء، وكانوا يكتبون على أعلامهم التي يرفعونها أثناء القتال الآية الشريفة: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)) [القصص:5]( ).
3- كان القرامطة يتدرجون في دعوتهم للناس، فيدعون إلى التشيع وإلى إمام من أهل البيت، ثم يتدرجون شيئاً فشيئاً إلى الغلو والإباحة، يقول القاضي عبد الجبار عنهم: (ألا ترى أن من بالإحساء من القرامطة والباطنية لما غلبوا شتموا الأنبياء، وعطلوا الشرائع وقتلوا الحجاج والمسلمين حتى أفنوهم، واستنجوا بالمصاحف والتوراة والإنجيل، وجاءوا برجل يقال له: زكرويه الأصفهاني المجوسي، وقالوا: هذا هو الآله في الحقيقة، وعبدوه..... وكل هؤلاء كانوا في أول أمرهم يخدعون الناس بأنهم شيعة، وأن المهدي أرسلهم.
ثم يشير القاضي عبد الجبار: إلى أنهم كانوا يسترون عقائدهم فلا يكاشفون العامة بشتم الأنبياء وتعطيل الشرائع، وإنما يخدعون الناس سراً، وينقلونهم عن الإسلام بالحيل والأيمان من حيث لا يشعرون شيئاً فشيئاً، وهم يقصدون بدعوتهم الديلم والأعراب، وكل من يقل بحثه ونظره، وله رغبه بالدنيا، وشغل بها، ثم يقطعونهم عن البحث والنظر بالعهود ولإيمان المغلطة.
4- كان موقف القرامطة من الحجاج وقوافل الحج عجيبا، فقد بدأ تعرضهم للأفواج الأولى من القوافل منذ سنة أربع وتسعين ومائتين (294)، فكانوا يعملون فيها السيف، ويقتلون الرجال، ويغنمون الزاد والمال ويسبون النساء، ويأسرون الشيوخ والأطفال، ويسدون الآبار التي على الطرق بالجيف والرمال والأحجار فلا تجد القوافل المتابعة على الطريق ماء، فيحاربونها وأصحابها على غير ماء، فيضطرون للتسليم من شدة العطش، فيفعلوا القرامطة بهم مثل فعلهم بمن سبقهم من الحجيج، وقد ذكر ثابت بن سنان في كتابة) تأريخ أخبار القرامطة) أن عدد القتلى في أحدى القوافل بلغ عشرين ألفا)
وعندما ولى أمر القرامطة بالبحرين أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي، الذي بدأ بالتعرض للحجاج سنة أحدى عشرة وثلاثمائة (311)، فنهب قوافل الحجاج من أهل بغداد والمشرق وأخذ جمالهن، وما أردا من أمتعتهم وأموالهم، ونسائهم وصبيانهم وعاد إلى هجر وترك الحجاج في مواضعهم، فمات أكثرهم جوعاً وعطشا ومن حر الشمس.
وسار أبو طاهر في السنة التالية، سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة (312) يريد الحاج أيضا، فاستولى على الكوفة، وكانت تقع في طريق القوافل إلى مكة، فانصرف الناس عن الحج ولم يحج أحد منهم في تلك السنة (12).
وتتابعت هجمات القرامطة على الحجاج في السنوات التالية، حتى هاجموا مكة، واقتلعوا الحجر الأسود سنة سبع وعشرة وثلاثمائة (317).
وربما كان أفضل من أرخ لهذا الحادث وأسهب في وصفه واستعص أطرافه، وبين غوامضه قاضي القضاء عبد الجبار الهمداني (المتوفى سنة 415 أو 416) أي أنه عاصر بعض من شهد حادث هجوم القرامطة واقتلاعهم الحجر الأسود، وقد أورد القاضي عبد الجبار وصفه لهذا الحادث في كتابه (تثبيت دلائل النبوة)، كما عاصر الحادث نفسه وأورد مختصرا له كل من أبي الحسن المسعودي (المتوفى سنة 345) في كتابة (التنبيه والإشراف).
وثابت بن سنان بن قرة الصابر (المتوفى سنة 365) في تأريخه عن القرامطة.
وسنعتمد على هذه المصادر الثلاثة في إيراد وصف مجمل لهذا الحدث:
غادر أبو طاهر القرمطي البحرين متجها إلى مكة فوصلها في أوائل ذي الحجة، وقد اجتمع الحجاج بها من كل مكان استعداد الأداء فريضة الحج فمنعه من بمكة من الحجاج وغيرهم من دخولها وحاربوه أياما، فلما لم يطقهم، أظهر أنه جاء حجا ومتقربا إلى لله، وأنه لا يحل لهم أن يمنعوه من بيت الله، وأنه أخوهم في الإسلام، وأظهر القرامطة أنهم محرمون، ونادوا بالتلبية، واستدعى رجلا من أئمة قريش بمكة وحلف له بالإيمان الغليظة أنه قد أمنه على دمائهم وأموالهم وحرمهم، وأنه لا يؤذي أحدا منهم، وأنه ما جاء إلا ليحج، إلا أصحاب الجند والسلطان، فإنه لا يؤمنهم، وقال: أنا لا أغدر..... ولو أردت ذلك لأمنت أصحاب السلطان ثم غدرت بهم، لكن لا لؤمنهم لأنهم يشربون الخمر، ويلبسون الحرير، ويعينون السلطان الذي يحجب عن الرعية، ويظلم اليتيم، والأرملة، ويشرب الخمر، وسمع القيان فازداد الناس به اغترارا، وقبلوا أمانة، وأفرجوا له حتى دخل مكة في ستمائة فارس وتسعمائة راجل، ووضع الناس السلاح.
فلما دخل وتمكن وسكن الناس، وثب بهم على غرة منهم، وقال لأصحابه: ضعوا السيف واقتتلوا كل من لقيتم، ولا تشتغلوا إلا بالقتل فل يزل كذلك ثلاثة أيام، ولاذ المسلمون بالبيت، وتعلقوا بأستار الكعبة، فما نفعهم ذلك، وقتلوهم في المسجد الحرام، وما زالوا يقتلونه ويقولون لهم:)ومن دخلة كان آمنا)، أفأمنون أنتم يا حمير) أما ترون كذب صحابكم، وأمروا من يصعد لقلع الميزاب، فصعد وهو يقول مستهزئا: هو في السماء وبيته في الأرض!!
وسلب البيت، فاقتلع باب الكعبة، وكان مصفحا بالذهب، وأخذ جميع ما كان في البيت من المحاريب الفضة، والجزع وغيره، ومعاليق، وما يزين به البيت من مناطق ذهب وفضة، وقلع الحجر الأسود، ومقدار موضعه ما يدخل فيه اليد إلى أقل من المرفق، ثم جرد ما كان على البيت كسوة.
وقد اختلف الأقوال في عدد من قتل من الناس من أهل مكة وغيرهم من سائر الأنصار، فمكثر ومقلل، فمنهم من يقول ثلاثين ألفا، ومنهم من يقول دون ذلك وأكثر، وهلك في بطون الأودية و رؤوس الجبال والبراري عطشا وضرا ما لا يدركه الإحصاء.
أما من قتل في البيت الحرام فقد رماهم القرامطة في بئر زمزم حتى امتلأت بجثث القتلى.
وقد أشار نظام الملك في كتابة) سياسة تامة إلا أن القرامطة عندما فاجئوا الناس بالهجوم وأعملوا فيهم السيف، ألقى كثير من الناس بأنفسهم داخل الآبار، لكي يختفوا عن أنظار القرامطة، ولا يتعرضوا للقتل، ويعد انتهاء المذبحة، أمر أبو طاهر القرمطي أصحابه بأن يلقوا بجثث من قتلوهم في نواحي مكة في تلك الآبار، فوق الأحياء المختفين فيها حتى يموتوا بدروهم.
وبعد انتهاء هذه المذبحة أمر أصحابه بنهب الحجيج، فجمع شيئا عظيما من الذهب والفضة والجوهر والطيب، ومن متاع مصر واليمن، والعراق، وخراسان، وفارس وبلدان الإسلام كلها... وسبى من العلويات والهاشميات وسائر الناس نحو عشرين ألف رأس.
وقد ذكر المسعودي أن القرامطة بقوا في مكة ثمانية أيام يدخلونها غدوة ويخرجون منها عشيا، يقتلون وينهبون، حتى رحلوا عنها يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة 317.
كما أشار المسعودي أيضا إلى أن القرمطي بعد خروجه من مكة عرضت له هذيل بن مدركة بن الياس ابن مضر، وهم رجاله في الضايق والشعاب والجبال، وحاربوه حربا شديدا بالنبل والخناجر ومنعوه من السير، واشتبهت عليهم الطرق، فأقاموا بذلك ثلاثة أيام حائرين بين الجبال والوديان، وتكن كثير من النساء والرجال المأسورين من الخلاص، واقتطعت هزيل ألوفا كثيرة من الأبل والثقلة، وكانت ثقلته على نحو مائة ألف بعير (14) عليها أصناف المال والأمتعة.
ويفهم من رواية أوردها الفاسي في كتابة (شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام) (15) أن أبا طاهر القرمطي لم يكن يريد في مبدأ الأمر أن يقتلع الحجر الأسود، وإنما كان يريد الاستيلاء على مقام إبراهيم، ولكن) سدنة المسجد قد تقدموا إلى حمل المقام وتغبيبه في بعض شعاب مكة، فتألم لفقده إذ كان طلبه، فعاد عند ذلك إلى الحجر الأسود فعلقه.
والواقع أن المرء يحار عن السبب الذي دعا القرامطة إلى اقتلاع الحجر الأسود، وحمله معهم إلى البحرين، وربما نجد جواباً على ذلك عند الرحالة الاسماعيلى ناصر خسرو، الذي زار البحرين حوالي سنة 440، وكتب تقريرا مفصلا عن رحلته في بلاد القرامطة في كتابه) سفرنامه) وبين أن السبب في انتزاعهم الحجر الأسود أنهم زعموا أن الحجر مغناطيس يجذب الناي إليه من أطراف العالم، ويعقب ناصر خسروا بعد ذلك بقوله: لقد لبث الحجر الأسود في السا سنين عديدة، ولم يذهب إليها أحدا.
وهناك نص آخر أورده القاضي عبد الجبار ينقل فيه قولا لحفص عمر بن زرقان، وهو خال أبي طاهر القرمطي، في وقعه الحرم سنة 317 فبينما هذا الرجل) واقف حذاء) البيت والسيف يأخذ الناس، وهو على فرسه يضحك ويتلو: ((لِإِيلافِ قُرَيْشٍ)) [قريش:1]، حتى وصل إلى قوله: ((وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)) [قريش:4] قال: ما آمنهم من خوفنا، ظهر الباطن يا أهل مكة حجوا إلى البحرين، وهاجروا إلى الإحساء من قبل أن نطمس وجودها فنردها على أدبارها.
وبناء على هذا القول فأنه ربما يصح تفسير ناصر خسروا لحملهن الحجر الأسود إلى الإحساء من أنهم أرادوا أن يصرفوا الحج عن مكة إلى عاصمتهم في البحرين، وظنوا أنهم يستطيعون تحقيق هذا الهدف إذا هم نقلوا هذا المغناطيس، الذي يجعل قلوب الناس تهفوا إلى مكة المكرمة نقلوه إلى البحرين.
وتكاد المصادر الفارسية التي اهتمت بهذا الحدث تجمع على أن القرامطة عندما حملوا الحجر الأسود إلى بلادهم قطعوه نصفين ولم يشر من المصادر العربية إلى هذا الأمر إلا ابن جبير في رحلته، الذي ذكر في رحلة أن الحجر الأسود قطع إلى عدة قطع، والمقريزي في كتابة الذي قالأن شقوقا حدثت بعد انقلاعه.
وظل الحجر الأسود عندهم نحو اثنين وعشرين سنة، ثم حملوه وأتوا به إلى الكوفة فنصبوه في المسجد الجامع حتى يراه الناس، ثم حملوه إلى مكة وردوه في مكانه في الكعبة، وقالوا:) أخذناه بأمر ورددناه بامر).
وكان عدد من ملوك الإسلام قد طلبوا أن يستردوه بأي مبلغ من المال يحدده) القرامطة) وبذل بعض الملوك والأمراء لهم خمسين ألف دينار، فلم يردوه، وردوه في سنة 339 بغر شيء
وقد بعث الخليفة الفاطمي عبيد الله المهدي من بلاد المغرب إلى ابن طاهر القرمطي رسالة ملؤها التبديد واللعن، يقول له: [[أخفقت علينا سعينا، وأشبهت دولتا بالكفر والإلحاد بما فعلت متى لم ترد على أهل مكة ما أخذت، وتعيد الحجر الأسود إلى مكانة، وتعيد كسوة الكعبة فأنا برئ منك في الدنيا والآخرة]].
فلما وصلت هذه الرسالة أعيد الحجر إلى مكة.

شهر الله المحرّم فضائل وأحكام

شهر الله المحرّم فضائل وأحكام

 
تسمية شهر محرم

” سمي شهر المحرم لكونه من الأشهر الحرم تنويهًا بفضله وتأكيدًا لتحريمه ، وقد قال النبي -- : "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم" رواه مسلم

أي أفضل شهر يصام كاملاً بعد رمضان شهر الله المحرم ، وإضافته إلى الله تعالى إضافة تشريف وتفخيم وتعظيم ، وأفضله وآكده اليوم العاشر منه، ثم التاسع لقوله -- : " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر"
 ويسمى العاشر عاشوراء وقد استحب جمهور العلماء الجمع بينهما في الصوم لأنه -- صام العاشر ونوى صيام التاسع… "
ـــــــــــــــــــــــــ
من الموقع الرسمي للشيخ صالح الفوزان

___________________

عــن أبـي هـريرة رضي الله عنه قال قال رسـول الله   :

《 أفضلُ الصِّيامِ بعدَ شَهْرِ رمضانَ شَهْرُ اللَّهِ المحرَّمُ وأفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ اللَّيلِ.》

[صححـــه الالباني في صحيـح  الترمـذي رقم: ( 438 )]

___________________
 
قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}

وهن: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.
ومعنى حُرُمٌ: تعظم انتهاك المحارم فيها بأشد مما تعظم في غيرها.

ـــــــــــــــــــــــــ
[الحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوشي ص١٣٤]
___________________

قيل في التفسير: " {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} ؛ في الأشهر الحرم؛ بالعمل بمعصية الله تعالى، وترك طاعته ".

وقال محمد بن إسحاق بن يسار: " لا تجعلوا حلالها حراما، ولا حرامها حلالا؛ كما فعل أهل الشرك، وهي النسيء ".

قال قتادة: " إن العمل الصالح والأجر أعظم في الأشهر الحرم، والظلم والذنب فيهن أعظم من الظلم فيما سواهن، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله تعالى يعظم من أمره ما شاء، ويصطفي من خلقه من شاء ".

ـــــــــــــــــــــــــ
[الحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوشي ص١٣٨]
___________________

أنواع الصيام في عاشوراء
 
يوم عاشوراء على ثلاثة أنواع إمَّا أنْ تصومه وَحْدَهُ، وهذا جائِز.
وإمَّا أنْ تَصوم يومًا قبلَه، وهذا أفضل، وإمَّا أنْ تصومَهُ وتصوم يومًا بعده، وهذا أيضًا جائز.
وإمَّا أنْ تصوم الثلاثة جميعًا: يومَ عاشوراء ويومًا قبلَهُ ويومًا بعدَهُ، الثلاثة جميعًا هذا أفضل.
أو الذي يليه في الفضيلة: أنْ تصوم يومًا قبلَهُ، والحالة الثالثة أنْ تصومَ يومًا بعدَهُ، كله جائز والحمد لله
ـــــــــــــــــــــــــ
 الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
الموقع الرسمي

___________________
 إفراد صيام يوم عاشوراء ؟

| سُئل الشَّـيخ العلّامـة بنُ بـازٍ-رَحِمهُ الله-:

• صيام يوم عاشوراء من محرم إذا صام الشخص يوم عاشوراء من محرم فقط ولم يصم يوماً قبله ولا يوماً بعده، هل يجزئه ذلك؟

 الجَــــــوَابُ:
” نعم يجزئه، لكن تركه الأفضل، الأفضل أن يصوم قبله يوم أو بعده يوم، هذا هو الأفضل،  يعني يصوم يومين التاسع والعاشر أو العاشر والحادي عشر أو يصوم الثلاثة، التاسع والعاشر والحادي عشر، هذا أفضل، خلافاً لليهود “.
ــــ
الموقع الرسمي

___________________
 صيام أيام البيض وعاشوراء بنية القضاء؟

| سُئل الشَّـيخ العلّامـة بنُ بـازٍ-رَحِمهُ الله-:
 السُّـــــــؤَالُ:

• إذا صامت يوم عاشوراء، ويوم عرفة، والثلاثة الأيام البيض، هل يجزئ ذلك عن تلك الأيام التي أفطرتها؟
 الجَــــــوَابُ:

”  إذا صامتها بالنية، إذا صامت يوم عاشوراء، أو عرفة، أو الأيام البيض بالنية على ما عليها من القضاء أجزأ ذلك، الأعمال بالنيات“.
ــــ 
الموقع الرسمي

___________________


ماذا يجب على المسلم يوم عاشوراء أن يقوم به ، وهل تجب فيه زكاة الفطر ؟ .

الجَـــــوَابُ :
 يشرع للمسلم في يوم عاشوراء صيامه لما ثبت أنَّ النبي ﷺ أَمَرَ بصيام عاشوراء ، فلما فُرِضَ رمضان كان مَنْ شاء صام ومن شاء أفطر .
وليس ليوم عاشوراء زَكَاةُ فِطْر كما في عيد الفطر بعد شهر رمضان .وبالله التوفيق ...

  المصدر :
 فتاوى اللجنة : المجموعة
اﻷولى : ج ١٠ /ص/٤٠٠ - ٤٠١

___________________

السُّـــــؤَالُ:
هل يجوز صيام عاشورا يومًا
واحدًا فقط ؟ .

الجَـــــوَابُ :

  يجوز صيام يوم عاشوراء يومًا واحدًا فقط ، لكن الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده ، وهي السُّنَّة الثابتة عن النبي
بقوله :« لئن بَقِيتُ إلى قَابِل
لأصُومَنَّ التَّاسِع »

قال ابن عباس رضي الله عنهما :( يعني مع العَاشِر ) .

ـــــــــــــــــــــــــ  
 المصدر :
 فتاوى اللجنة : المجموعة
اﻷولى : ج ١٠ /ص/٤٠٠ - ٤٠١

___________________

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال

" ما رأيت النبي -- يتحرّى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم -يعني يوم عاشوراء- وهذا الشهر -يعني شهر رمضان-"

[ رواه البخاري 1902]

___________________

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال

" قدم النبي -- المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «ما هذا ؟»
قالوا : هذا يوم صالح، هذا يوم نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِم، فصامه موسى. قال: « فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ». فصامه وأمر بصيامه."

ـــــــــــــــــــــــــ
رواه البخاري / ٢٠٠٤.

___________________

"كل ما روى في فضل الإكتحال في يوم عاشوراء والإختضاب والإغتسال فيه فموضوع لا يصح"

[لطائف المعارف لابن رجل ٥٤]

___________________

ذكر بعض أهل العلم كابن القيم وغيره أن صيام عاشوراء ثلاثة أقسام:
 ١ - أن يصوم عاشوراء والتاسع وهذا أفضل الأنواع.
٢ - أن يصوم عاشوراء والحادي عشر وهذا دون الأول.
٣ - أن يصوم عاشوراء وحده فكرهه بعض العلماء لأن النبي -ﷺ- أمر بمخالفة اليهود ورخص فيه بعض العلماء."

ـــــــــــــــــــــــــ
الشَّــيخ العلّامــة
مُحمّد بنُ صَالح بنُ عُثَيـمِين-رَحِمهُ الله-:
[ رياض الصالحين ٣٠٥/٥ ]

أﺣﮕـامٌ خاصّة بيوم عـرفة

أﺣﮕـامٌ خاصّة بيوم عـرفة
    
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 فضل صيام يوم عرفة
 
 قال:
【صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده】.
 رواه مسلم 【١٩٦❪١١٦٢❫】.

•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 لماذا عاشوراء يكفر سنة، ويوم عرفة يكفر سنتين؟
 
 قال ابن القيم:
【ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ:
⊙ أحدهما: ﺃﻥ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺣﺮاﻡ ﻭﻗﺒﻠﻪ ﺷﻬﺮ ﺣﺮاﻡ ﻭﺑﻌﺪﻩ ﺷﻬﺮ ﺣﺮاﻡ ﺑﺨﻼﻑ ﻋﺎﺷﻮﺭاء.
⊙ الثاني: ﺃﻥ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺷﺮﻋﻨﺎ ﺑﺨﻼﻑ ﻋﺎﺷﻮﺭاء ﻓﻀﻮﻋﻒ ﺑﺒﺮﻛﺎﺕ اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ】.
 بدائع الفوائد ❪٢١١/٤❫.

•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 لماذا سُمي يوم عرفة بهذا الاسم؟
 
 قال ابن الجوزي:
【ﻓﻔﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻋﺮﻓﺔ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ ﻗﻮﻻﻥ:
⊙ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ: ﺑﺄﻥ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻱ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻤﻨﺎﺳﻚ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻋﺮﻓﺖ.
⊙ ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻷﻥ ﺁﺩﻡ ﻭﺣﻮاء ﺗﻌﺎﺭﻓﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ】.
 كشف المشكل ❪١٥٦/٢❫.
 
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 كيف يُكفّر عرفة السنة التي بعده؟
 
 قال المناوي:
⊙ ﻳﺤﻔﻈﻪ ﺃﻥ ﻳﺬﻧﺐ ﻓﻴﻬﺎ
⊙ ﺃﻭ ﻳﻌﻄﻲ ﻣﻦ اﻟﺜﻮاﺏ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻟﺬﻧﻮﺑﻬﺎ
⊙ ﺃﻭ ﻳﻜﻔﺮﻫﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﻟﻮ ﻭﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﻜﻮﻥ اﻟﻤﻜﻔﺮ ﻣﻘﺪﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﻔﺮ.
 فيض القدير ❪٢٣٠/٤❫.

•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 ما الحكمة في تفضيل صيام عرفة على صيام يوم عاشوراء؟

 قال ابن حجر:
【ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺎﺷﻮﺭاء ﻭﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺇﻥ ﻳﻮﻡ ﻋﺎﺷﻮﺭاء ﻣﻨﺴﻮﺏ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻭﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻣﻨﺴﻮﺏ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺃﻓﻀﻞ】.
 فتح الباري ❪٢٤٩/٤❫.
 
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 هل التكفير للسنتين في صيام عرفة للكبائر أم الصغائر؟
 
 قال ابن عثيمين:
【ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻳﻜﻔﺮ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻠﻪ ﻭاﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺼﻐﺎﺋﺮ ﻓﻘﻂ ﺃﻣﺎ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﺑﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ】.
 فتاوى نور على الدرب ❪٣٢٨❫.
 
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
ما حكم صوم يوم عرفة لغير الحاج؟

 قال ابن باز:
【ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻣﺴﺘﻘﻞ، ﻭﻟﻪ ﻓﻀﻞ ﻋﻈﻴﻢ ﻳﻜﻔﺮ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻠﻪ ﻭاﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪﻩ】.
 مجموع الفتاوى ❪٤٠٥/١٥❫.
 
 قال ابن عثيمين:
【صيام يوم عرفة لغير الحاج سنة مؤكدة】.
 مجموع الفتاوى ❪٤٦/٢٠❫.

•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 هل يجوز صوم يوم عرفة لمن عليه قضاء من رمضان؟
 
 قال ابن باز:
【ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻮﻡ ﻗﻀﺎء ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎء ﻭﺇﺫا ﺻﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎء ﻭﺃﻳﺎﻡ اﻟﺘﺴﻊ ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎء ﻓﻬﺬا ﺣﺴﻦ】.
 مجموع الفتاوى ❪٤٠٦/١٥❫.
 
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 ﺻﻴﺎﻡ اﻟﻘﻀﺎء ﻣﻊ ﺻﻴﺎﻡ اﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﺑﻨﻴﺔ ﻭاﺣﺪﺓ ﻣﺜﻞ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻭﻗﻀﺎء ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﻨﻴﺔ ﻭاﺣﺪﺓ؟
 
 قال ابن عثيمين:
【ﺇﺫا ﻛﺎﻥ اﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺃﻥ ﺗﺼﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻣﻊ اﻟﻘﻀﺎء، ﺃﻭ ﻋﺎﺷﻮﺭاء ﻣﻊ اﻟﻘﻀﺎء ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺗﺼﻮﻡ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻀﺎء ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻋﺎﺷﻮﺭاء ﻓﻼ ﺑﺄﺱ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﻳﺤﺼﻞ ﻟﻚ اﻷﺟﺮ】.
 مجموع الفتاوى ❪٤٩/٢٠❫.
 
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 ﻫﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺇﺫا ﻧﻮﻳﺘﻪ ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎء ﺃﻡ ﻻ؟
 
 قالت اللجنة الدائمة:
【يجوز صيام يوم عرفة عن يوم من رمضان إذا نويته قضاء】.
 اللجنة الدائمة ❪٣٤٧/١٠❫.
 
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 هل يمكن الجمع في النية بين صيام الثلاثة أيام من الشهر وصيام يوم عرفة؟

 قال ابن عثيمين:
【ﻓﺼﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻣﺜﻼ اﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﻫﺬا اﻟﻴﻮﻡ ﻭﺃﻧﺖ ﺻﺎﺋﻢ، ﺳﻮاء ﻛﻨﺖ ﻧﻮﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻷﻳﺎﻡ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎﻡ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ، ﺃﻭ ﻧﻮﻳﺘﻪ ﻟﻴﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ، ﻟﻜﻦ ﺇﺫا ﻧﻮﻳﺘﻪ ﻟﻴﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻟﻢ ﻳﺠﺰﻯء ﻋﻦ ﺻﻴﺎﻡ اﻷﻳﺎﻡ اﻟﺜﻼﺛﺔ، ﻭﺇﻥ ﻧﻮﻳﺘﻪ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻦ اﻷﻳﺎﻡ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﺟﺰﺃ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ، ﻭﺇﻥ ﻧﻮﻳﺖ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻛﺎﻥ ﺃﻓﻀﻞ】. 
 مجموع الفتاوى ❪١٤/٢٠❫.
 
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 هل يجوز صوم يوم الجمعة منفردا، إن وافق يوم عرفة؟
 
 قالت اللجنة الدائمة:
【ﻳﺸﺮﻉ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺇﺫا ﺻﺎﺩﻑ ﻳﻮﻡ ﺟﻤﻌﺔ ﻭﻟﻮ ﺑﺪﻭﻥ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻗﺒﻠﻪ】.
اللجنة الدائمة ❪٣٩٥/١٠❫.
 
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
هل يجوز صوم يوم السبت منفردا، إن وافق يوم عرفة؟
 
 قالت اللجنة الدائمة:
【ﻳﺠﻮﺯ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﺳﻮاء ﻭاﻓﻖ ﻳﻮﻡ اﻟﺴﺒﺖ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ اﻷﺳﺒﻮﻉ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﺎ؛ ﻷﻥ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺳﻨﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭﺣﺪﻳﺚ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ اﻟﺴﺒﺖ ﺿﻌﻴﻒ ﻻﺿﻄﺮاﺑﻪ ﻭﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ للأﺣﺎﺩﻳﺚ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ】.
 اللجنة الدائمة ❪٣٩٦/١٠❫.
 
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 ما حكم من صام يوم عرفة بقصد التطوع وعليه أيام من رمضان؟
 
 قالت اللجنة الدائمة:
【ﻣﻦ ﺻﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺑﻘﺼﺪ اﻟﺘﻄﻮﻉ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺼﻴﺎﻣﻪ ﺻﺤﻴﺢ، ﻭاﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺆﺧﺮ اﻟﻘﻀﺎء】.
 اللجنة الدائمة ❪٣٩٩/١٠❫.
 
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•
 
 هل يجزيء صيام يوم عرفة وستة من شوال عن صيام الكفارة؟
 
 قالت اللجنة الدائمة:
【ﻻ ﻳﺠﺰﺉ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺎﺷﻮﺭاء ﻭﻋﺮﻓﺔ ﻭﺳﺘﺔ ﻣﻦ ﺷﻮاﻝ ﻋﻦ ﻛﻔﺎﺭﺓ اﻟﻴﻤﻴﻦ ﺇﻻ ﺇﺫا ﻧﻮﻯ ﺑﺼﻴﺎﻣﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻋﻦ اﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻻ اﻟﺘﻄﻮﻉ】.
 اللجنة الدائمة ❪٣٨/٢٤❫.
•┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈┈•

جزى الله خيراً من جمعها 


تحريم تفسير القرآن بالرأي

تحريم تفسير القرآن بالرأي
⚊⚋⚊⚋⚊⚋
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 《من قال في القرآن برأيه ،فليتبوأ مقعده من النار
رواه الترمذي
⚊⚋⚊⚋⚊⚋
ففي هذا الحديث الوعيد الشديد على من يفسر القرآن بغير علم أو برأيه ،لأن القرآن يفسر بأربعة أشياء ذكرها ابن كثير في تفسيره.
 
1-تفسير القرآن بالقرآن ،لأن كلام الله يفسر بعضه بعضاً.

2-تفسير القرآن بالسنة النبوية ،لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مُبَيِّن للقرآن ،كماقال تعالى:
 《وانزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانُزِّل إليهم 》.

3-تفسير الصحابة -رضوان الله عليهم- لأنهم تلقوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم تفسير القرآن.

4-تفسير التابعين ،لأنهم أخذوا التفسير عن صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهناك طريقة خامسة لتفسير القرآن الكريم ،وذلك باللغة العربية التي نزل بها.

فأول مايُبدأ به تفسير القرآن ،هو تفسير بعضه ببعض ،فإن لم يوجد فمن السنة، وإن لم يوجد في السنة فإنه يفسر بتفسير الصحابة،فإن لم يوجد فبتفسير التابعين ،فإن لم يوجد فإنه يُرجع في ذلك إلى اللغة العربية التي نزل بها.
فهذه هي مصادر التفسير ،وليس هناك مصدر اخر غير هذه المصادر .
وأما تفسير القرآن بالرأي ففيه الوعيد الشديد.
ومن هنا نأخذ بأن الذين يفسرون القرآن الآن بآرائِهم وبالفرضيات الحديثة وبالنظريات 
أو
 ما يسمى بالإعجاز العلمي ،إنما هم داخلون فيمن قال في القرآن برأيه. 
فلا ينبغي أن تُجعل هذه الأمور تفسيراً لكلام الله ،لأنها عمل بشري ويخطئ ويصيب.

وهذه النظريات تتغير فقد تأتي نظريات غيرها تغيرها.
فلا تُجعل تفسيراً لكلام الله -عز وجل- الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
⚊⚋⚊⚋
أصول الإيمان للشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله -
شرح الشيخ صالح الفوزان حفظه الله

فضل العشر من ذي الحجة | للشَّيْخ العَلَّامَة صَالِحُ بِن فَوْزَانُ الفَوْزَان - حَفِظَهُ اللهُ -

فضل العشر من ذي الحجة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده، ورسوله نبينا محمد، وعلى اله، وأصحابه أجمعين.
          أما بعد :
فأننا على أبواب أيام مباركة، هي أيام عشر ذي الحجة التي فضلها الله سبحانه وتعالى، وأودع فيها من الخيرات الشيء الكثير لعباده، ولاشك أن حياة المسلم كلها خير إذا اغتنمها في عبادة الله والعمل الصالح، وكلها خير من حين يبلغ سن الرشد إلى يتوفاه الله، إذا وفقه الله لاغتنام أيام حياته في الأعمال الصالحة التي يعمر بها آخرته، فمن حفظ دنياه بطاعة الله حفظ الله له آخرته، ووجد ما قدمه مدخرا عند الله عز وجل ومضاعفاً، ومن ضيع ديناه ضاعت آخرته، خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين، فكل حياة المسلم خير، و لكن من فضل الله عز وجل أن جعل أوقاتاً فضلها غيرها من الأيام، ليزداد فيها المسلم أعمالا صالحة، ويحصل على أجور مضاعفة، فهناك شهر رمضان المبارك، وما فيه من الخيرات، والأعمال الصالحة والمضاعفة للأجور، وفي شهر رمضان ليلة خير من ألف شهر، وهي ليلة القدر.
وهناك هذه العشر، عشر ذي الحجة التي اقسم الله جل وعلا في محكم التنزيل، وقال سبحانه وتعالى
بسم الله الرحمن الرحيم: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، هذه الليالي العشر هي عشر ذي الحجة على المشهور عند أهل العلم، والله اقسم بها لشرفها وفضلها، لأنه سبحانه وتعالى يقسم بما يشاء من خلقه، ولا يقسم الا بشئ له شأن، يلفت العباد أليه، وهو اقسم بهذه لشرفها وفضلها، لأجل أن يتنبه العباد لها، وقيل أنها هي العشر التي أيضا أكملها الله لموسى -عليه السلام-: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ)، قالوا والله اعلم هذه العشر هي عشر ذي الحجة، و قال الله سبحانه وتعالي فيها: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)، الأيام المعلومات، وأما الأيام المعدودات المذكورة في قوله تعالى واذكروا الله في أيام معدودات فهي أيام التشريق، في أيام معلومات، يذكروا اسم الله في أيام معلومات، وسيأتي ما يقال من الذكر في هذه الأيام، ومن فضائل هذه العشر أنها تشتمل على يوم عرفة، اليوم التاسع منها، الذي قال -صلى الله عليه وسلم- فيه، في صيامه: احتسب على الله أن يكفر السنة الماضية، والسنة المستقبلة ، وفيه أداء الركن الأعظم من أركان الحج، وهو الوقوف بعرفة، هذا اليوم العظيم الذي يجتمع فيه المسلون من مشارق الأرض ومغاربها في صعيد واحد، هو صعيد عرفة، ليوأدوا الركن الأعظم من أركان حجهم في هذا اليوم، والذي اخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله ينزل في عشيته إلى سماء الدنيا فيباهي الملائكة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا أتوني من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، أشهدكم أني قد غفرت لهم ، وفي اليوم العاشر من هذه العشر يوم الحج الأكبر، وهو يوم عيد النحر الذي يؤدي المسلمون فيه مناسك الحج من طواف وسعي وذبح للهدي وحلق أو تقصير، هذه المناسك الأربعة يبدأ أداؤها في هذا اليوم، ولذلك سمى الله هذا اليوم يوم الحج الأكبر، لأنه تؤدي فيه معظم مناسك الحج، وهناك الحج الأصغر وهو العمرة، فهذا اليوم اختصه الله سبحانه وتعالى بهذا الفضل، فالحجاج يؤدون فيه المناسك، وغير الحجاج يصلون صلاة العيد فيه الأضاحي، يتقربون بها إلى الله سبحانه وتعالى، فهذه العشر المباركة تشتمل على هذه الفضائل، قد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، الحديث الذي رواه البخاري وغيره، قال: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من الأيام العشر - يعني عشر ذي الحجة – قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشي ، فهذه الأيام العشر يكون العمل فيها أحب إلى الله من العمل في غيرها، حتى الجهاد في سبيل الله، الذي هو أفضل الأعمال، العمل في هذه العشر خير من الجهاد في سبيل الله، إلا من استثناه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء.
فهذه الأيام لها فضائل عظيمة، ويشرع فيها أعمال كثيرة:
صيام هذه الأيام ويستحب صيامها، صيام تسعة أيام لغير الحجاج، وأما الحجاج فلا يصومون اليوم التاسع، لأجل أن يتقووا على الوقوف بعرفة، وأما غير الحجاج فصيام هذا اليوم في حقهم يكفر الله به السنة الماضية والسنة الآتية، وهذا فضل عظيم من الله سبحانه وتعالى، وفي حديث حفصة: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم هذه العشرة)، رواه أبو داود وغيره بسند لا بأس به، وأما ما قالته عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (أن النبي-صلى الله عليه وسلم- لم يصم هذه العشر)، هذا نفي، وحفصة إثبات، حديثها فيه إثبات والمثبت مقدم على النافي، فحفصة أثبتت أن رسول الله يصوم، وعائشة نفت وهذا في حدود علمها -رضي الله عنها-، فتكون حصة علمت شيئا لم تعلمه عائشة.
ومن الأعمال التي تؤدى في هذه الأيام العشر التكبير، ويبدأ من أول دخول الشهر، حينما يثبت دخول الشهر يبدأ التكبير في أيام هذه العشر ولياليها، ويكثر المسلم من التكبير فيقول :الله اكبر، الله اكبر، لا اله الا الله، الله اكبر، ولله الحمد، يكرر هذا ويرفع به صوته، كان الصحابة يرفون أصواتهم بالتكبير في هذه الأيام العشر، وهذه ما اختصت به هذه الأيام العشر، ويسمي هذا بالتكبير المطلق بالليل والنهار.
وكذلك يشرع في هذه العشر الإكثار من الطاعات من صدقات على المحتاجين، وصدقات في سبيل الله، وكذلك من صلوات النوافل في غير أوقات النهي، ولاسيما صلاة الليل، وكذلك لا يفتر المسلم عن ذكر الله فيها بتلاوة القران والتسبيح والتهليل، فيشغل هذا الوقت بالطاعات القولية، والطاعات الفعلية، يغتنمها ويكتسب ما فيها من خير فلا تضيع عليه، يكون فيها صائما في النهار، وقائما في الليل، وتاليا للقران، مكبرا ومهللا ومسبحا، فيشغل لسانه بذكر الله، ويشغل بدنه بالصيام والقيام، وهذا خير كثير في هذه الأيام العشر التي العمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل في غيرها، وان كان العمل الصالح محبوبا عند الله جلا وعلا في سائر الأوقات، ولكن الله يفضل بعض مخلوقاته على بعض، ففضل هذه العشر على غيرها من أيام الزمان، وكذلك مما يشرع في هذه العشر أن من أراد إن يضحي عن نفسه، أو عن نفسه وغيره، فانه إذا دخل في العشر لا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئا حتى يذبح أضحيته، لان النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بذلك في الحديث الصحيح.

يشرع في يوم النحر ذبح الهدي أو الأضاحي، والهدي سواء كان هديا واجبا للنسك كهدي التمتع والقران، أو كان هديا مستحبا يهديه المسلم إلي بيت الله العتيق، تقربا إلي الله سبحانه وتعالى، فأول ما يبدأ، أول يوم يبدأ فيه الذبح يوم العيد، هذا بالنسبة للحجاج، وأما بالنسبة لغير الحجاج فيذبحون الأضاحي، تقربا إلي الله سبحانه وتعالى، وسنة نبوية سنها أبونا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- وأحياها نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، والأضحية قربان عظيم يتقرب بها المسلم إلى الله ويرى بعض العلماء وجوبها، الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- يرى أن ذبح الأضحية واجب على الموسر، وأما جمهور أهل العلم فيرون انه سنة مؤكدة، وليس بواجب؛ وعلى كل حال فذبح الأضاحي والهدي في هذا اليوم وما بعده يدل على فضل هذا اليوم؛ قالوا: وهو المراد بقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ صل صلاة العيد، وأنحر هديك، وأنحر أضحيتك في هذا اليوم، فهذا اليوم كما أسلفنا تؤدى فيه مناسك الحج، طواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمرة، جمرة العقبة، وذبح الهدي بالنسبة للحجاج وبالنسبة لغير الحجاج ذبح الأضاحي، ومن فضل الله سبحانه انه مدد أيام الذبح إلى ثلاثة أيام بعد العيد، فأيام الذبح أربعة أيام، يوم العيد وثلاثة أيام بعده، قال -صلى الله عليه وسلم- أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل، فهذه عشر مباركة، تقدم على المسلمين بخيراتها وبركاتها من الله، على المسلمين من حجاج، وغير حجاج، وفيها هذه الأعمال الجليلة، وبالنسبة للهدي والأضاحي فلها أحكام ذكرها أهل العلم من ناحية السن، ومن ناحية السلامة من العيوب، ففي الأضاحي والهدي لا يجزي إلا ما بلغ السن المحددة شرعاً، فالضأن يجزء فيه بان ستة أشهر، والماعز ما تم له سنة، والبقر ما تم له سنتان، والإبل ما تم له خمس سنين، هذا من حيث السن في الأضاحي وفي الهدي، وكذلك في العقيقة أيضا لابد أن العقيقة ينطبق عليها ما ينطبق على الهدي و الأضحية، كذلك السلامة من العيوب، من العور والعرج والمرض والهزال ونقص الخلقة بقطع أو بتر أو غير ذلك، فتكون سليمة من العيوب التي تنقصها من غيرها، وأما ما يفعل بلحم الهدي، لحم الأضاحي: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)، (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، ويستحب أن يقسمها ثلاثة أقسام، ثلاثة أثلاث: ثلث يأكله هو وأهل بيته، وثلث يتصدق به على المحتاجين، وثلث يهديه لأصدقائه وجيرانه، مع العلم بأنه لا يجوز أن يبيع منها شيئا، لا يجوز إن يبيع منها شيئا حتى الجد لا يبيعه، وكذلك لا يعطي الجزار أجرته من لحم الهدي والأضاحي، بل يتركها لما شرع الله سبحانه وتعالى من الأكل منها، والتصدق والإهداء، وهذه شعائر قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)، ومنها الهدي والأضاحي، بان يقدم لها من أنفس ما يجده، ومن أطيب ما يجده،لأنها شعيرة وتقرب إلى الله، قال الله جلا وعلا: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ)، المدار على النيات، ولكن مع هذا فلا يقدم شيئا مستنقصا، أو قليل النفع، ولا يقدم شيئا من كسب حرام، قال -صلى الله عليه وسلم-: إن الله طيب ولا يقبل الا طيبا ، إن الله طيب لا يق بالا طيبا، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ)، الخبيث: هو الردي، المراد هنا الردي، لا تتصدق بالردي من الطعام من الملابس، من سائر ما ينتفع به، لا تقدم الردي، ولا تتصدق من كسب حرام، بل تصدق من كسب طيب، لان الله سبحانه طيب لا يقبل إلا طيب، والطيبات لله سبحانه وتعالى.


الحاصل، أن هذه العشر المباركة لها شأن عظيم، فينبغي للمسلم أن يستقبلها بالبشر والفرح والسرور بمقدمها، وان يستغلها فيما شرع الله فيها، حتى تكون كسبا له عند الله سبحانه وتعالى، يجده يوم يقدم على الله سبحانه وتعالى، وكما ذكرنا أن كل حياة المسلم فيها خير إذا استغلها في طاعة الله، ولكن تخصص الأيام والأوقات التي فضلها الله سبحانه وتعالى بمزيد اهتمام، ومزيد اجتهاد، ولكن مع الأسف أن كثير من الناس تمر عليهم أعمارهم، وتمر عليه الأيام الفاضلة، والأوقات الشريفة، ولا يستفيدون منها، تذهب عليهم سدى، وقد لا يكفي إنهم لا يستفيدون منها، بل يستغلونها في الحرام والمعاصي والسيئات، خصوصا في هذا الزمان الذي فشت فيه الشواغل والملهيات من وسائل الإعلام، والبث الفضائي، والانترنت، والأسواق، والعمل في التجارة، أو العمل في الوظائف، أو غير ذلك، و هذا وان كان انه مطلوب من المسلم انه يطلب الرزق، ولكن لا يشغله ذلك عن اغتنام هذه المواسم، فيجمع بين طلب الرزق وبين اغتنام هذه المواسم، والله جلا وعلا لم يمنعنا من العمل للدنيا ما نحتاج إليه، ولكنه نهانا أن ننشغل بالدنيا عن الآخرة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ قال سبحانه : (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ)، ابتغوا عند الله الرزق واعبدوه، فلا تنساق مع طلب الرزق وتترك العبادة، أو تنساق مع العبادة وتترك طلب الرزق فتكون عالة على غيرك، بل اجمع بين هذا، وهذا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، ولما ذكر المساجد وعمارة المساجد قال: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِفالمسلم يجمع بين الأمرين بين طلب الرزق في وقته، وأداء العبادة في وقتها، في حين أن العبادة تعين على طلب الرزق:(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)، (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، فالمسلم لا يضيع دينه، كذلك لا يضيع دنياه، وإنما يجمع بين مصالح دينه ودنياه، هذا هو المسلم، فكيف إذا ضيع وقته في اللهو واللعب، وتتبع المسلسلات، التمثيليات، والفضائيات، والأغاني، والنوادي الرياضية، والمباريات، يضيع وقته في هذه الأمور، والعجيب انه لا يمل، لا يمل من السهر، لا يمل من التعب مع هذه الأمور التي هي في مضرته، لا يتعب، بينما يتعب من الطاعة والعبادة، إلا من رحم الله سبحانه وتعالى.

 الحاصل، أن المسلم يتنبه لنفسه ويتنبه لأوقات الفضائل، قبل أن يقول: (يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ)، قبل أن يواجه ما ذكره الله وتعالى عن أصحاب النار، إذا القوا فيها، قالوا ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل، قال الله جلا وعلا: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِير)، فمن ضيع وقته وحياته فهذا مصيره، ولا حول وقوة إلا بالله.
 فلنتنبه لأنفسنا، وننبه غيرنا ولنحفظ وقتنا ولنغتنم أوقات الفضائل قبل فواتها، فان ذلك هو رأس المال الذي تخرج به من هذه الدنيا :
إذا أنت لم ترحل بزاد من التــقى   ولاقيت يوم العرض من قد تزودا
ندمت على ألا تكون كمثلـــــه    وانك لم ترصد كما كان ارصــدا
لابد من هذا المصير، إذا لم تقدم لآخرتك فلابد أن تندم في حين لا ينفع الندم، فعلينا أن نتنبه وننبه إخواننا، ونعظم هذه الأيام بطاعة الله سبحانه وتعالى، ونصونها عن الضياع، ونصونها على ان نشغلها بشئ يضرنا ونأثم به.
 وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل النافع، انه سميع قريب مجيب، وصلى الله علي نبينا محمد، وعلى اله، وأصحابه أجمعين


المَــصْدَرُ