احدث المواضيع

مقالات

فَلْيَحْذَرِالَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ

ﭧﭐ ﭨ
 


ﱡﭐ ﱿ  


 ...................
  
قال ابن كثير :

وَقَوْلُهُ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَيْ عَنْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَبِيلُهُ وَمِنْهَاجُهُ وَطَرِيقَتُهُ وَسُنَّتُهُ وَشَرِيعَتُهُ، فَتُوزَنُ الْأَقْوَالُ وَالْأَعْمَالُ بِأَقْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ، فَمَا وَافَقَ ذَلِكَ قُبِلَ، وَمَا خَالَفَهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ على قائله وفاعله كائنا من كان، كما ثبت في الصحيحين وَغَيْرِهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»  أَيْ فَلْيَحْذَرْ وَلْيَخْشَ مَنْ خالف شريعة الرسول باطنا وظاهرا. أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَيْ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ كُفْرٍ أَوْ نِفَاقٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَيْ فِي الدُّنْيَا بِقَتْلٍ أَوْ حد أو حبس أو نحو ذلك. كما روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ  : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حدثنا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهَا جعل الفراش وهذه الدواب اللائي يَقَعْنَ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، وَجَعَلَ يَحْجِزُهُنَّ ويغلبنه ويقتحمن فِيهَا- قَالَ- فَذَلِكَ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ، أَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ هَلُمَّ عَنِ النَّارِ، فَتَغْلِبُونِي وَتَقْتَحِمُونَ فِيهَا»

  أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

--------------------------------------
  قال البغوي :
{فَلْيَحْذَرِالَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أَيْ: أَمْرَهُ وَ"عَنْ" صِلَةٌ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يُعْرِضُونَ عَنْ أَمْرِهِ وَيَنْصَرِفُونَ عَنْهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أَيْ لِئَلَّا تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ، قَالَ مُجَاهِدٌ: بَلَاءٌ فِي الدُّنْيَا، {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وَجِيعٌ فِي الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: عَذَابٌ أَلِيمٌ عَاجِلٌ فِي الدُّنْيَا.

--------------------------------------
 
قال شيخ الاسلام : 

( كَذَلِكَ أَلْبَسَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ لِمَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ كَمَا فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( بُعِثْت بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي وَجُعِلَتْ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمِ فَهُوَ مِنْهُمْ).
وَكَمَا أَنَّ مَنْ خَالَفَهُ وَشَاقَّهُ وَعَادَاهُ هُوَ الشَّقِيُّ الْهَالِكُ فَكَذَلِكَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ وَعَمَّا جَاءَ بِهِ وَاطْمَأَنَّ إلَى غَيْرِهِ وَرَضِيَ بِهِ بَدَلًا مِنْهُ هُوَ هَالِكٌ أَيْضًا .
فَالشَّقَاءُ وَالضَّلَالُ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَفِي تَكْذِيبِهِ وَالْهُدَى وَالْفَلَاحِ فِي الْإِقْبَالِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى كُلِّ مَا سِوَاهُ .
فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ :
ــ الْمُؤْمِنُ بِهِ وَهُوَ : الْمُتَّبِعُ لَهُ الْمُحِبُّ لَهُ الْمُقَدِّمُ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ .
ــ الْمُعَادِي لَهُ وَالْمُنَابِذُ لَهُ .
ــ الْمُعْرِضُ عَمَّا جَاءَ بِهِ .
الْأَوَّلُ هُوَ السَّعِيدُ وَالْآخَرَانِ هُمَا الْهَالِكَانِ .
فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ الْمُتَّبِعِينَ لَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَأَنْ يُحْيِيَنَا عَلَى سُنَّتِهِ وَيَتَوَفَّانَا عَلَيْهَا لَا يُفَرِّقُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا إنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاءِ وَأَهْلُ الرَّجَاءِ وَهُوَ حَسَبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ) .


مجموع الفتاوى ( 19: 104/105 )

--------------------------------------
 
قال ابن القيم  :
 
( فصل: فى ذكر بعضِ الحكم والغايات المحمودة التى كانت فى وقعة أُحُد .
فمنها: تعريفُهم سوءَ عاقبة المعصية، والفَشَل، والتنازُعِ، وأن الذى أصابَهم إنما هو بِشُؤمِ ذلِكَ، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إذْ تَحُسُّونَهُم بِإذْنِهِ، حَتَّى إذَا فَشِلْتُمْ وتَنَازَعْتُمْ فِى الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ، مِنْكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ،ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ، وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران: 152].
فلما ذاقُوا عاقبةَ معصيتهِم للرسول، وتنازعهم، وفشلهم، كانُوا بعد ذلك أشدَّ حذراً ويقظة ، وتحرُّزاً مِن أسبابِ الخذلان ) .


( زاد المعاد :3/218)
  

--------------------------------------

الشيخ صالح الفوزان :
(( فليحذر الذين يخالفون عن أمره )) أمر الرسول صلى الله عليه وسلم (( أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) هذا تحذير من الله جل وعلا لعباده المؤمنين أن يخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم (( فليحذر )) اللام هذه لام الأمر (( أن تصيبهم فتنة )) عقوبة من الله سبحانه وتعالى على مخالفته . والفتنة كما قال الإمام أحمد رحمه الله : " أتدري ما الفتنة ، الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أي بعض قول الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك " .
بعض الناس يقول ما دام أفتى فلان بكذا فنحن يسعنا ما قاله فلان أو ما ذهب إليه فلان إذا كانت الفتوى توافق أهواءهم فهم يتلمسون أقوال العلماء ويتلمسون منها ما يوافق رغباتهم ، ولا يسألون عن الدليل ، ما دليل فلان وما دليل فلان ، بل يتلمسون الرخص في هذا الوعيد بلا شك (( أن تصيبهم فتنة )) ، فتنة في القلوب بأن يصرف الله قلوبهم ويصيبهم بالزيغ والضلال لأنهم ردوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وردوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعا لرغباتهم وأهوائهم كما قال الله سبحانه وتعالى : (( قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين )) [ الأنعام: 11 ] .

فمن بلغه الحق عن الله ورسوله ثم أعرض عنه تبعا لهواه وشهوته ورغبته أو إرضاء لأحد من الناس فإنه يصاب بالزيغ ، كما قال الله سبحانه وتعالى : (( وإذا مآ أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون )) [ التوبة : 127 ] .

رسالة بعنوان : فَلْيَحْذَرِالَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ


--------------------------------------

وعن سلمة بن الأكوع أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال : " كل بيمينك " قال : لاأستطيع . قال " لا استطعت " . ما منعه إلا الكبر قا ل : فما رفعها إلى فيه .
رواه مسلم  

عَنْ أَنَسٍ قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا : مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ : ( أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ . فَقَرَأَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ }
ثُمَّ قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ ؟ ) فَقُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : ( فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ . فَأَقُولُ : رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي . فَيَقُولُ : مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ ) .

   
صحيح مسلم ( كتاب الصلاة حديث 892 )