احدث المواضيع

مقالات

سلسلة تفسير السعدي "سورة الفاتحة الاية (7)"

بسم الله الرحمن الرحيم
          
 سورة الفاتحة
الآية رقــ(٧)ــم
 
 قال تعالى :

     "صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ "
 
وهذا الصراط المستقيم هو: { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ }
من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. 
{ غَيْرِ } صراط { الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم. 
وغير صراط { الضَّالِّينَ } الذين تركوا الحق على جهل وضلال, كالنصارى ونحوهم.
 
 فهذه السورة على إيجازها
قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن,
 
 فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة:

 1 توحيد الربوبية يؤخذ من قوله:  
             { رَبِّ الْعَالَمِينَ }
2 وتوحيد الإلهية وهو إفراد الله بالعبادة, يؤخذ من لفظ:
    { اللَّهِ } ومن قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }

3 وتوحيد الأسماء والصفات, وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى, التي أثبتها لنفسه, وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه, وقد دل على ذلك لفظ { الْحَمْدُ } كما تقدم.  
وتضمنت إثبات النبوة في قوله:
      { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }
 لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة.
 
 وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } وأن الجزاء يكون بالعدل, لأن الدين معناه الجزاء بالعدل. وتضمنت إثبات القدر, وأن العبد فاعل حقيقة,
    خلافا للقدرية والجبرية.

 بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع [والضلال] في قوله:
    { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }
لأنه معرفة الحق والعمل به. وكل مبتدع [وضال] فهو مخالف لذلك.
 
 وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى, عبادة واستعانة في قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }   
 فالحمد لله رب العالمين.
 
المصدر: تفسير السعدي(صـ٢٨).

مـا هـو المحكـم والمتشابـه مـن آيـات القـرآن؟

مـا هـو المحكـم والمتشابـه مـن آيـات القـرآن؟
 
 سئِـلَ الإمـام الفقيـه / 
مُــحمَّـد بـن صالـح العـُثيميـن - رَحِمَـهُ اللهُ تــَعَالَى-:

 السُّـــــؤَالُ :


【بـارك الله فـيكـم وأطـال الله فـي عـمركـم عـلـى طـاعـة الله . أرجـو تـفسيـر الآيـة الـكريمـة :﴿هـو الـذي أنـزل عليـك الكتـاب بالحـق منـه آيـاتٌ محكمـاتٌ هـن أم الكتـاب وأخـر متشابهـات﴾ مـع الـتمثيـل لـكـلٍ مـن الآيـات الـمحكمـات والـمتشابهـات ؟】

 الجَـــــوَابُ :

《 قـولـه تـعالـى :﴿هـو الـذي أنـزل عليـك الكتـاب منـه آيـاتٌ محكمـاتٌ هـن أم الكتـاب وأخـر متشابهـات﴾ ؛
 
 قـسـم الله تـبـارك وتـعالـى الـقـرآن الـكريـم إلـى قـسميـن ؛ [مـحكـم ، ومـتشابـه] .

•• والـمـراد بـالمحكـم هـنـا الـواضـح الـبيـن الـذي لا يـخفـى عـلـى أحـدٍ مـعنـاه ، مـثـل الـسمـاء والأرض والـنجـوم والـجبـال والـشجـر والـدواب ومـا أشـبههـا هـذا مـحكـم ؛ لأنـه لا اشـتبـاه فـي مـعنـاه .

•• وأمـا الـمتشابهـات فـهـي الآيـات الـتـي يـشتبـه مـعناهـا ويـخفـى عـلـى أكـثـر الـنـاس ولا يـعرفهـا إلا الـراسخـون فـي الـعلـم ، مـثـل بـعـض الآيـات الـمجملـة الـتـي لـيـس فـيهـا تـفصيـل فـتفصلهـا الـسنـة ، مـثـل قـولـه تـعالـى : ﴿أقيمـوا الصـلاة﴾ ، فـإن إقـامـة الـصـلاة غـيـر مـعلومـة ، والـمعلـوم مـن هـذه الآيـة وجـوب إقـامـة الـصـلاة فـقـط ، لـكـن كـيـف الإقـامـة ؟ هـذه يـعـرف مـن دلـيـل آخـر .

•• والـحكمـة مـن أن الـقـرآن نـزل عـلـى هـذيـن الـوجهيـن، الابـتـلاء والامـتحـان ؛ لأن مـن فـي قـلبـه زيـغ يـتبـع الـمتشابـه فـيبقـى فـي حـيـرةٍ مـن أمـره . وأمـا الـراسخـون فـي الـعلـم فـإنهـم يـؤمنـون بـه كـلـه مـتشابهـه ومـحكمـه ، ويـعلمـون أنـه مـن عـنـد الله ، وأنـه لا تـناقـض فـيـه .

•• ومـن أمـثلـة الـمتشابـه ، قـول الله ﷻ :﴿ثـم لـم تكـن فتنتهـم إلا أن قالـوا والله ربنـا ما كـنا مشركيـن﴾ ؛
مـع قـولـه :﴿يومئـذٍ يـود الذيـن كفـروا وعصـوا الرسـول لـو تسـوى بهـم الأرض ولايكتمـون الله حديثـاً﴾ ؛

- فـيأتـي الإنـسـان ويـقـول : هـذا تـناقـض كـيـف يـقولـون : والله ربـنـا مـا كـنـا مـشركيـن ، ثـم يـقـال عـنهـم : إنـهـم لا يـكتمـون الله حـديثـا ، فـيضـرب الآيـات بـعضهـا بـبعـض لـيوقـع الـنـاس فـي حـيـرة ؛

- لـكـن الـراسخيـن فـي الـعلـم يـقولـون : كـلـه مـن عـنـد الله ولا تـناقـض فـي كـلام الله ، ويـقولـون : إن يـوم الـقيامـة يـومٌ مـقـداره خـمسِون ألـف سـنـة ، فـتتغيـر الأحـوال وتـتبـدل فـتنـزل هـذه عـلـى حـال وهـذه عـلـى حـال . 》

◉ الــمَصْــدَر مِــنْ :

‏ [هُنــــا]

سِــلْـسِــلَةٌ فِـــي تَـرْبِـيَــةِ الأَوْلَادِ -4-

ــــــــــــ ﷽ ــــــــــــ
 
 سِــلْـسِــلَةٌ فِـــي تَـرْبِـيَــةِ الأَوْلَادِ

     العَـــــ4ــــدَدُ


•----------••----------•
 
 إخْــتَرْ لولدك مُعَــلِّماً حَسَــنَ المُعتقدِ
 
 قــاَلَ أَبــو إسحــاق الــجــبياني رحمه الله :

〘 لا تُعلــِّموا أولادكم إلاَّ عــند الرَّجُل ِ الحســن الــدِّين ، فَــدينُ الصَّبيّ عــلى دين مُــعلِّمهِ ،
وقــال : لقد عرفتُ مُــعلِّــماً كــانَ يخفي القول بخلق القرآن ، فــلما فُــطِن به واشتهر أمره ، عــوقِب وأُخــِّر عــن التعليم ، فــوقف بين يدي صبيان المكتب ، وقال لِصبيانه : مــا تقولون في خلق القرآن ؟ قالوا : لا علم لنــا ،
فقال لهم : هــو مخلوق ، فلن تزالوا على هذا القــول ولو قُــتلتم ثم هرب،
قــاَلَ أَبــوإسحاق : فــبلغني عنهم أنهم مــاتوا كلهم وهــم يعتقدون هــذا القول ،
ثم قــاَلَ : وبلغني عن معلمٍ عفيف ، رُئــيَ وهــو حــول الكعبــة يــدعو الله ويقــول : اللهم أيــُّما غُــلام عــلَّمتهُ ، فاجعلــه مِنْ عِــبادك الــصالحين ،
قــاَلَ : فــبلغني أنَّــه خــرج على يديــه نــحْوَاً من ســبعين عــالمــا وصالــحــا ،
قــاَلَ : فــما أبــعــد مــا بــين الرَّجليــن 〙
 
[أحكام وآداب الأطْـفال للغامدي (٣٣)]

•----------••----------•
 
 إحْــذر وَلَدكَ مِــنْ أهــلِ الأهــواءِ
 
 قـاَلَ أبــو جـعــفر العــقيلـي رحمه الله:

〘 قُــلتُ لِــعبد اللهِ بنِ أحمد بن حنبل : لــمَ لمْ تكتب عن عــليِّ بن الجــعْد ؟ قــاَلَ : نــهاني أبــي أن أذهــب إلــيه ، فــكان يبلغــه أنه يتنــاول الــصحابة  〙
 
[ الــضُّــعــفــاء للــعقيلـي (٢٢٥/٣)]

•----------••----------•
 
 ســنَّــةٌ  مــاضِــيَــةٌ

〘 كــانت أُمُّ ســلَمــةَ - رضي الله عنها-  تُــخرج الحــسن - يعنــي البصريّ - إلى أصــحاب رسول الله ﷺ وهــو صغير ، وكــانت أمُّــه منــقطعة إلــيها ، فــكانوا يــدعون لــه ،

فــأخرجته إلى عــمُر بن الخطَّاب رضي الله عنه فــدعا لــهُ ، فــقال : اللــهــم فــقِّــهُ فــي الــدين ، وحبِّــبهُ إلــى الــناس 〙
 
[ تــهــذيب الــكمــال (٦ /١٠٣-١٠٤)]

•----------••----------•
 
 عــلِّمْ وَلــدَكَ مُــجالــسَةَ الــعُلماء
 
 قــال زكــريا بنُ زيــاد الــنَّحْــوي :

〘 كــانَ أشْــياخُنا يقــولــون :
جــالِــسِ الــعلماء : فــإنك إن اصــبْت حــمِدوك ، وإن أخــطأت عــلَّموك ، وإن جهـلت لم يُــعنفوك ،

ولا تجالــس الــجهال : فــإنك إذا أصــبت لــم يحــمدوك ، وإن أخــطأت لــم يــعلموك ، وإن جــهلت عــنَّفوك ، وإنْ شــهدوا لك لم ينــفعوك 〙
 
رواه وكــيــع فــي :
[ أخــبــار الــقضــاه (١١٣/٣) ]


•----------••----------•
 يتْبَـعُ إن شَــاء اللهُ تعالـى

سِــلْـسِــلَةُ فِـــي تَـرْبِـيَــةِ الأَوْلَادِ -3-

ــــــــــــ ﷽ ــــــــــــ
 
 سِــلْـسِــلَةُ فِـــي تَـرْبِـيَــةِ الأَوْلَادِ

            العَـــــ3ــــدَدُ


•----------••----------•
 
 أمُّ سُلَيــْم - رضـي الله عنــها- تُعــَلِّمُ صَغِــيرَهَا التَّــوْحـِيدَ.

 
 عــنْ إســحاق بن عبــدِالله عنْ جــدَّته أُم سـليم :

《 أنّــها آمنــت برســول الله ﷺ ، قالــت : فــجاء أبو أنــس ، وكـان غائــبًا ، فــقال : أصَبــَوْتِ ؟ قالــت : ما صبــوتُ ولكـني آمنــت بهـذا الرجــل ،

قـال : فجــعلت تُلــقِّنُ أنــسًا ، وتُشــير إليــه : قُـل : لا إلـه إلا الله ، قـل : أشــهد أن محــمدا رســول الله ، قــال : ففــعل ،
قـال : فيــقول لــها أبـوه : لا تُــفسدي علــيَّ ابــني ،
فتــقول : إنــي لا أُفْــسدهُ ،
 قـال : فخــرج مالك أبو أنـس فــلــقيَه عــدوٌ فــقتله ، فــلما بلغــها قــتْلَه ، قـالت : لا جــرم لا أفــطمُ أنــسًا حتى يــدع الــثَّدي حــيَّا 》
 
[رواه ابنُ سـعدٍفي الطبقات (٤٢٥/٨)]
[والـذهــبي فـي الـسِّــيـَر  (٣٠٥/٢)]

•----------••----------•
 
 مــا يُستــَحَبُّ أن ْيُعــَلَّمَهُ الصــَّبيُّ أَوَّل مـَـا يُعَــلَّم.
 
 عــنْ إبْــراهــيم الــتيـمـي رحمه الله قال :

《 كــانوا يَــستحــبُّون أول مــايُــفصِح - يعـني الصـبي - أنْ يُــعلِّمـوه : لا إله إلاَّ الله ، سبْــعَ مــرات ، فــيكــون ذلــك أوَّل ما يتــكلمُ به.》
 
[رواه ابنُ ابي شيبة(٣٤٨/١)]
[و عــبــدالــرزاق  ( ٧٩٧٧ ) ]

•----------••----------•
 
 تعَــلُّمُ الأَطْفَـالَ التَّوْحِيـدَ أمَـانٌ مِنْ شـُبَهِ أهْـلِ الزَّيْـغ.

▣ عــن حــمَّاد بن زيــد رحمه الله قــاَلَ :

《 كــنتُ في الــكــُتَّاب ، وأنـا صــغير عــليَّ ذؤابــه ، فــجاء عــمرو بنُ عبــيد [المبــتدع إمــام المعــتزله]، حتـى وقـف على رأسـي ، فــقال : يا غــُلَيِّم ماتقـول في الدعــوة ؟

فقــلتُ : أمَّــا الدعـوة فــعامَّة ، وأمَّــا المِــنَّة فــخاصة ، فــجرَّ بــذؤابــتي فــقال : علَّــمُوك الــكفــر صــغيرًا  》
 
[رواه ابنُ الاعرابي في معجمه (٩٤٠)]

ـــــــــــ
 الدعــوة عـامـة : أيْ دعوة الاسلام والهدى ، فهي عامة للناس كلهم ،
 وأمـا الــمنـة : بالهداية والتوفيق فهي لمن خصَّهم الله في سابق قدره بالهداية ، وهذا على خلاف مذهب المعتزلة نُفاة القدر ، ولهذا وصف إمام المعتزله - عمرو بنُ عبيد - كلام الغلام بالكفر ، إذ أنه أثبت القدَر الذي يكفر به المعتزله.

•----------••----------•
 
 ألَــمْ يَنْــهكَ أبُــوكَ عــنْ إتْــيَانِنــا
 
 قــاَلَ سُــفْــيَـانُ بنُ عُــييــنةَ رحمه الله:

《 رأيــتُ عَــمرو ابنَ عــبيد [ إمــام المعتزله ] ليلةً جالــسًا خلْف الــمقام لا يُصــلي ، فــأتيــتهُ ،
 
 فــقال : يا ســفيــان ، ألــمْ ينــهَكَ أبوك عــنْ إتْــيانِنــا 》
 
[رواه الفاكهي في "أخبارمكة (٩٩٤)]

•----------••----------•
 يتْبَـعُ إن شَــاء اللهُ تعالـى

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -34-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (34)

    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -


وعن سعيد بن جبير قال: "من قطع تميمة من إنسان كان كعِدل رقبة". رواه وكيع.
وله عن إبراهيم: كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن.


وكيع: هو: وكيع بن الجراح ثقة إمامٌ صاحب تصانيفَ مات سنة ١٩٧هـ.
إبراهيم: هو الإمام إبراهيم النخعي ثقة من كبار الفقهاء مات سنة ٩٦هـ.
كعدل رقبة: أي كان له مثل ثواب من أعتق رقبة.
وله: أي وروى وكيع أيضا.
وكانوا: أي أصحاب عبد الله بن مسعود وهم منا سادات التابعين.

معنى الأثرين إجمالاً:

الإخبار أن من أزال عن إنسان ما يعلِّقه على نفسه لدفع الآفات فله من الثواب مثل ثواب من أعتق رقبة من الرق؛ لأن هذا الإنسان صار بتعليق التمائم مستعبداً للشيطان فإذا قطعها عنه أزال عنه رِقَّ الشيطان.
ويحكي إبراهيم النخعي عن بعض سادات التابعين أنهم يعمِّمون المنع من تعليق التمائم ولو كانت مكتوباً فيها قرآنٌ فقط سداً للذريعة.

مناسبة الأثرين للباب ظاهرة:

فإن فيهما حكاية المنع من تعليق التمائم مطلقاً عن هؤلاء الأجلاء من سادات التابعين.

ما يستفاد من الأثرين:
 ١- فضل قطع التمائم؛ لأن ذلك من إزالة المنكر وتخليص الناس من الشرك.
٢- تحريم تعليق التمائم مطلقاً ولو كانت من القرآن عند جماعة من التابعين.
٣- حرص السلف على صيانة العقيدة عن الخرافات.

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ ٨٦-٨٧]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -33-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (33)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وروى  الإمام أحمد عن رُويفِع -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا رويفع، لعل الحياة تطول بك فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلَّد وتراً أو استنجى برجيعِ دابةٍ أو عظمٍ فإن محمداً بريء منه" (¹) .

رُوَيفِع: هو: رويفع بن ثابت بن السكن بن عدي بن الحارث من بني مالك بن النجار الأنصاري وَلِيَ برقة وطرابلس فافتتح إفريقية سنة ٤٧ وتوفي ببرقة سنة ٥٦هـ.
عقد لحيته: قيل: معناه ما يفعلونه في الحروب من فتلِها وعقدها تكبُّراً. وقيل: معناه معالجة الشعر؛ ليتعقَّد ويتجعَّد على وجه التأنُّث والتنعم. وقيل: المراد عقدُها في الصلاة أو كفها.
تقلد وتراً: جعله قلادة في عنقه أو عنق دابته من أجل الوقاية من العين.
استنجى: أي أزال النجوَ -وهو العذرة- عن المخرج.
برجيع دابة: الرجيع: الروث. سُمِّي رجيعاً لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان علَفاً.
بريءٌ منه: هذا وعيد شديد في حق من فعل ذلك.


المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن هذا الصحابي سيطول عمرُه حتى يدرك أناساً يخالفون هديه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في اللحى الذي هو توفيرُها وإكرامُها إلى العبث بها على وجهٍ يتشبهون فيه بالأعاجم أو بأهل الترف والميوعة.
أو يُخلُّون بعقيدة التوحيد باستعمال الوسائل الشركية فيلبسون القلائد أو يُلبسونها دوابَّهم يستدفعون بها المحذور.
أو يرتكبون ما نهى عنه نبيهم من الاستجمار بروث الدواب والعظام. فأوصى النبي –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صاحبه أن يبلغ الأمة أن نبيها يتبرأ ممن يفعل شيئاً من ذلك.

مناسبة الحديث للباب:
أن فيه النهي عن تقليد الأوتار لدفع المحذورات وأنه شرك؛ لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله.

ما يستفاد من الحديث:
١- عَلَم من أعلام النبوة، فإن رويفعاً طالت حياته إلى سنة ٥٦هـ.
٢- وجوب إخبار الناس بما أُمِروا به ونُهوا عنه مما يجب فعله أو تركه.
٣- مشروعية إكرام اللحية وإعفائها وتحريم العبث بها بحلق أو قص أو عقد أو تجعيد أو غير ذلك.
٤- تحريم اتخاذ القلادة لدفع المحذور، وأنه شرك.
٥- تحريم الاستنجاء بالروث والعظم.
٦- أن هذه الجرائم المذكورة من الكبائر.
_______
(¹) أخرجه أحمد "٤/١٠٨، ١٠٩"، وأبو داود برقم "٣٦".

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٨٤-٨٥ ]

سلسلة تفسير السعدي "سورة الفاتحة الاية (6)"

بسم الله الرحمن الرحيم
          
 سورة الفاتحة
 الآية رقـ(٦)ـم
قال تعالى:
       "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ"
ثم قال تعالى:
    { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }
 
 أي: دلنا وأرشدنا, ووفقنا للصراط المستقيم, وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله, وإلى جنته, وهو معرفة الحق والعمل به, فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط.
 فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام, وترك ما سواه من الأديان, 
والهداية في الصراط, تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا.
 
 فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته, لضرورته إلى ذلك.
         
المصدر: تفسير السعدي(صـ٢٨).

سلسلة تفسير السعدي "سورة الفاتحة الاية (5)"

بسم الله الرحمن الرحيم
        
       سورة الفاتحة      
 الآية رقـ(٥)ـم
 قال تعالى:
       "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" 
 { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }
أي: نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة, لأن تقديم المعمول يفيد الحصر, وهو إثبات الحكم للمذكور, ونفيه عما عداه.
فكأنه يقول:
 نعبدك, ولا نعبد غيرك, ونستعين بك, ولا نستعين بغيرك.  
وقدم العبادة على الاستعانة, من باب تقديم العام على الخاص, واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده.  
و { العبادة } اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال, والأقوال الظاهرة والباطنة. 
 و { الاستعانة } هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع, ودفع المضار, مع الثقة به في تحصيل ذلك.
            
والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية, والنجاة من جميع الشرور, فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما. وإنما تكون العبادة عبادة, إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله.
فبهذين الأمرين تكون عبادة,  
وذكر { الاستعانة } بعد{ العبادة }
 مع دخولها فيها, لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى.  
فإنه إن لم يعنه الله, لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر, واجتناب النواهي.
المصدر: تفسير السعدى(صـ٢٨).

سلسلة تفسير السعدي "سورة الفاتحة الاية (4)"

بسم الله الرحمن الرحيم
      
   سورة الفاتحة     
الآية رقــ(٤)ــم
قال تعالى:
   {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
 
المالك:
 هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى, ويثيب ويعاقب, ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات,
 
وأضاف الملك ليوم الدين, وهو يوم القيامة, يوم يدان الناس فيه بأعمالهم, خيرها وشرها, لأن في ذلك اليوم, يظهر للخلق تمام الظهور, كمال ملكه وعدله وحكمته, وانقطاع أملاك الخلائق.
 
 حتى [إنه] يستوي في ذلك اليوم, الملوك والرعايا والعبيد والأحرار. كلهم مذعنون لعظمته, خاضعون لعزته, منتظرون لمجازاته, راجون ثوابه, خائفون من عقابه,
 
 فلذلك خصه بالذكر....,
وإلا, فهو المالك ليوم الدين ولغيره من الأيام

المصدر: تفسير السعدي(صـ٢٧).

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -32-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (32)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

*وعن عبد الله بن عُكيم مرفوعاً: "من تعلق شيئاً وُكِل إليه". رواه أحمد والترمذي (¹) .*

عبد الله بن عُكيم: ويكنى أبا معبد الجهني الكوفي أدرك زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا يُعرف أنه سمع منه.
مرفوعاً: أي إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
من تعلق شيئاً: أي التفت قلبُه إلى شيءٍ يعتقد أنه ينفعه أو يدفع عنه.
وُكِل إليه: أي وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلَّقَه من دونه وخذله.

المعنى الإجمالي للحديث:
هذا حديثٌ وجيز اللفظ عظيم الفائدة يخبر فيه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن من التفت بقلبه أو فعله أو بهما جميعاً إلى شيء يرجو منه النفع أو دفع الضر وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلَّقه، فمن تعلَّق بالله كفاه ويسَّر له كل عسير، ومن تعلق بغيره وكله الله إلى ذلك الغير وخذله.

مناسبة الحديث للباب:
أن فيه النهي والتحذير من التعلُّق على غير الله في جلب المنافع ودفع المضار.

ما يستفاد من الحديث:
١- النهي عن التعلق بغير الله.
٢- وجوب التعلق بالله في جميع الأمور.
٣- بيان مضرة الشرك وسوء عاقبته.
٤- أن الجزاء من جنس العمل.
٥- أن نتيجة العمل ترجع إلى العامل خيراً أو شراً.
________
  (¹) أخرجه أحمد في المسند "٤/٢١١" والترمذي برقم "٢٠٧٣".

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٨٢-٨٣ ]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -31-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (31)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إن الرُّقى والتمائم والتِّوَلة شرك" رواه أحمد وأبو داود (¹) .

سيأتي شرح المفردات في كلام المصنف رحمه الله.

المعنى الإجمالي للحديث:
أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخبر أن استعمال هذه الأشياء لقصد دفع المضار وجلب المصالح من عند غير الله شركٌ بالله لأنه لا يملك دفع الضر وجلب الخير إلا الله سبحانه، وهذا الخبر معناه النهيُ عن هذا الفعل.

مناسبة الحديث للباب:
أن فيه بيانَ أن استعمال هذه الأشياء المذكورة شركٌ يخل بالتوحيد.

ما يستفاد من الحديث:
١- الحث على صيانة العقيدة عما يخل بها وإن كان يتعاطاه كثيرٌ من الناس.
٢- تحريم استعمال هذه الأشياء المذكورة فيه.
٣- أن هذه الثلاث المذكورة شركٌ من غير استثناء.


(¹) أخرجه أحمد "١/٣٨١"، وأبو داود برقم "٣٨٨٣" وابن ماجه برقم "٣٥٣٠"، والحاكم في المستدرك "٤/٤١٨"، وصححه ووافقه الذهبي.
______

 التمائم: شيء يُعلَّق على الأولاد من العين. لكن إذا كان المعلَّق من القرآن فرخَّص فيه بعضُ السلف وبعضهم لم يرخِّص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه.
والرُّقى (¹) : هي التي تسمى العزائم. وخَصَّ منه الدليلُ ما خلا من الشرك. فقد رخص فيه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من العين والحُمَة (²) . 
والتِّوَلة: شيء يصنعونه يزعمون أنه يُحبِّب المرأة إلى زوجها، والرجلَ إلى امرأته.
_______

يعلق على الأولاد: أي بأعناق الصبيان.
من العين؛ أي لدفع الإصابة بالعين.
العزائم: جمع عزيمة، قيل هي آياتٌ من القرآن تقرأُ على ذوي العاهات أو تقرأُ في ماءٍ ويُسقاه المريض. أو تكتب في صحن ونحوه وتمحى الكتابة بماء ونحوه ويسقاه المريض.
وخص منه: أي أخرج من عمومه.
الدليل: وهو قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا رقية إلا من عين أو حُمَة" كما سبق في باب: "من حقق التوحيد".
ما خلا من الشرك: أي الاستعانة بغير الله بأن كانت بأسماء الله وصفاته وآياته والمأثورُ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
_____________
(¹) سبق بيان معناها في باب "من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب".
(²) سبق بيان معناها في باب "من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب".


وحاصل ما ذكره المصنف رحمه الله في حكم هذه الأشياء المذكورة ما يلي:
١- أن الرقية تنقسم إلى قسمين: قسم مشروع وقسم ممنوع: فالمشروع ما خلا من الشرك، والممنوع ما كان فيه شرك.
٢- أن التمائم تنقسم إلى قسمين:
قسم ممنوع بالإجماع: وهو ما كان يشتمل على شرك، وقسم مختلف فيه وهو ما كان من القرآن. قيل: إنه جائز، وقيل: إنه ممنوع، والصحيح أنه ممنوع سداً للذريعة وصيانة للقرآن.
٣- التولة ممنوعة من غير خلافٍ، لأنها نوع من السحر.

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٧٩-٨٠-٨١ ]

سـلْـسِـلَةُ فِـي تَـرْبِيَــةِ الأَوْلَادِ العَـــ2ـــدَدُ

ــــــــــــ ﷽ ــــــــــــ

▪️سـلْـسِـلَةُ فِـي تَـرْبِيَــةِ الأَوْلَادِ ▪️
 العَـــ2ـــدَدُ


•----------••----------•
 
تــسْــمــِيــَةُ الــأَوْلادِ:

  عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ :

《 إن أحبَّ أسمائكم إلى اللهِ عبد الله وعبد الرحمن 》
 
رواه مسلم (٥٦٣٨)


•----------••----------•
 
تــَكــْنِيــةُ الأولادِ:

  عنْ أنس بن مالك رضي الله عنه قال :

《 كــانَ رسول الله ﷺ يدخل علينا ، ولي أخ صغير يُكنَّى أبا عُمير وكان له نغرٌ يلعب به ، فمات ، فدخل عليه النبي ﷺ  ذات يومٍ فرآهُ حزينا ، فقال " ما شأنه " ؟ قالوا : مات نغره ، فقال :
يـَـا أَبـَـا عُــمَــيْــرٍ مـَـا فَــعَــلَ النُّــغَــيْــر 》
 
رواه البخاري ( ٦٢٠٣)
ومسلم ( ٥٦٧٣)

•----------••----------•
 
تــَسْمِيَةُ الــمَـوْلُود حَقٌ للأَبِّ لاَ للأُم :

  قــاَلَ ابنُ الــقَــيِّمِ رحــمه الله :

《 هذا مــما لا نــِزاع فــيه بين الــناس، وأن الأبــَويْــنِ إذا تنــازعا في تسمية الولد، فهي للأب ، والأحاديث المتقدمة كلهــا تدل على هذا 》
 
[ تــُحــْفَــةُ الــمَــوْدود (٢٣٣) ]

•----------••----------•
 
الإسْــمُ يَــدُلُّ عَـلـَى الــمُــســمَّى

  قــاَلَ ابــنُ الــقَــيِّمِ رحــمه الله :

《 فقلَّ أن ترى إسماً قبيحاً إلاَّ وهو على مسمىً قبيح ، كــمــاقــيــل :

وقـلَّ أنْ أبْصرتْ عَيناك ذا لقبٍٍ
    إلا ومَــعــناه لــو فكرت فــيه

والله سبحانه وتعالى بحكمته في قضائه وقدره ، يُــلْهــمُ النُّــفوس أن تضع الأسماء على حسب مُسمياتهــا ، لتناسب حكمته- تعالى - بين اللفظ ومعناه ، كــما تناسب بين الاسباب ومـُـسبباتها 》
 
 قال أبو الفتح ابن جني :

《 ولقد مــرَّ بي دهْــرٌ وأنــا أسمع الإسم لا أدري مــعناه ، فآخذ معناه من لــفظــه ، ثم أكشفه ، فــإذا هــو ذلك بعينــه ، أو قــريب منه ، فــذكرتُ ذلك لشيخ الإسلام ابنُ تَيْــمِيـَـةَ رحمه الله فــقال : " وأنــا يقــع لي كثيــرًا" 》

[تُــحْــفَــةُ الــمــودود (٩٢) ]

•----------••----------•
 
تــعْــلِــيمُ الأطْــفــالِ التَّــوحِــيد

 
 عــنْ جُــندُبِ بــنِ عــبدِ اللهِ رضي الله عنه قــاَلَ :

 《 كنّا غــلمانًا حــزاوره مــع رسول الله ﷺ فــيعلِّمنــا الإيــمان قبــل الــقرآن ، فــازددنــا به إيمانــا، وإنكم الــيوم تُعلـِّـمون الــقرآن قــبل الإيــمان  》
 
"صحَّحه الالباني"
 في (صحيح ابــن ماجة) (٥٢)

•----------••----------•
 يتْبَـعُ إن شَــاء اللهُ تعالـى

سلسلة تفسير السعدي "سورة الفاتحة الاية (3)"

 بسم الله الرحمن الرحيم 
      
     سورة الفاتحة       
الآية رقــ(٣)ــم
قال تعالى:
  {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
 
اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، 
ومن عداهم فلهم نصيب منها.
 
واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها‏,‏ الإيمان بأسماء الله وصفاته‏,‏ وأحكام الصفات‏.‏
 
المصدر: تفسير السعدي(صـ٢٧).

سلسلة تفسير السعدي "سورة الفاتحة الاية (2)"

بسم الله الرحمن الرحيم
          
      سورة الفاتحة
       الآية رقـ(٢)ـم
 
قال تعالى:
         " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "
{الْحَمْدُ لِلَّهِ‏}‏ ‏[‏هو‏]‏ الثناء على الله بصفات الكمال‏,‏ وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل‏,‏ فله الحمد الكامل‏,‏ بجميع الوجوه‏.‏
 ‏{‏رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ الرب‏,‏ هو المربي جميع العالمين ـ وهم من سوى الله ـ بخلقه إياهم‏,‏ وإعداده لهم الآلات‏,‏ وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة‏,‏ التي لو فقدوها‏,‏ لم يمكن لهم البقاء‏.‏ فما بهم من نعمة‏,‏ فمنه تعالى‏.‏
 
وتربيته تعالى لخلقه نوعان‏:‏    
 عامة وخاصة‏.‏
فالعامة‏:‏ هي خلقه للمخلوقين‏,‏ ورزقهم‏,‏ وهدايتهم لما فيه مصالحهم‏,‏ التي فيها بقاؤهم في الدنيا‏.‏
 
والخاصة‏:‏ تربيته لأوليائه‏,‏ فيربيهم بالإيمان‏,‏ ويوفقهم له‏,‏ ويكمله لهم‏,‏ ويدفع عنهم الصوارف‏,‏ والعوائق الحائلة بينهم وبينه‏,‏ 
وحقيقتها‏:‏ تربية التوفيق لكل خير‏,‏ والعصمة عن كل شر‏.‏ 
ولعل هذا ‏[‏المعنى‏]‏ هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب‏.‏ فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة‏.‏
 
فدل قوله ‏{‏رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ على انفراده بالخلق والتدبير‏,‏ والنعم‏,‏ وكمال غناه‏,‏ وتمام فقر العالمين إليه‏,‏ بكل وجه واعتبار‏.‏
 
المصدر: تفسير السعدي(صـ٢٧).

مختصر فقه الأسماء الحسنى ( القريب )

بسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

          الاســم
            ( القريب )

 
 ورد اسم [ القريب ] في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع
◉ وهي قوله تعالى : ﴿ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون
◉ وقوله تعالى : ﴿ قُلْ إِنْ ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحى إلي ّربي إنه سميع قريب
◉ وقوله تعالى : ﴿ وإلى ثمود أخاهم صالحًا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ّربي قريب مجيب

❒ وقُرب الله الذي تدل عليه هذه الآيات هو قُرب خاص من العابدين المحبين والداعين المستجيبين ، قُرب ﻻ يدرك له حقيقة
وإنما تعلم آثاره من لطفه بهم وتوفيقه لهم وعنايته بهم ، ومن آثار إجابته للداعين وإثابته للعابدين
 
 وقد ثبت في السنة أحاديث عديدة تدل على قُرب الله عز وجل من عباده المؤمنين وأوليائه المتقين ، يسمع دعاءهم ويجيب نداءهم ويعطيهم سُؤلهم

✵ ففي [الصحيحين] :
 عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال :
【كنا مع النبي في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير
فقال النبي : اربَعُوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصم وﻻ غائباً ، إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم
 
 وفي [ الصحيحين ] :
 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال :
من تقرّب إليّ شبراً تقرّبت إليه ذراعاً ، ومن تقرّب إليّ ذراعاً تقرّبت إليه باعاً وإذا أقبل إليّ يمشي أقبلت إليه أهرول】.

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم (٦٥ - ٦٦)
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله


_________
   
نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 
 ما فاتكم تجدونه في المدونة:
[مدونة مشروع الدين النصيحة]

مختصر فقه الأسماء الحسنى ( الجـبّار )

 بسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

          الاســم
           ( الجـبّار )

 
 وقد ذكر هذا الاسم مرة واحدة في القرآن الكريم مقروناً باسم الله [ العزيز ]
◉ في قوله تعالى : ﴿ هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون

❒ و الجـبّار له ثلاثة معانٍ :
(1)- الأول :
 بمعنى القهَّـار ، فهو سبحانه القهَّـار لكل شيء الذي دان له كل شيء وخضع له كل شيء ، فالعالم العلوي والسفلي بما فيهما من المخلوقات العظيمة كلها قد خضعت في حركتها وسكناتها ، وما تأتي وما تذر لمليكها ومدبرها
فليس لها من الأمر شيء وﻻ من الحكم شيء ، بل الأمر كله لله ، والحكم الشرعي والقدري والجزائي كله له ﻻ حاكم إلا هو وﻻ رب غيره وﻻ إله سواه .

(2)- الثاني :
 يرجع إلى لطف الرحمة والرأفة ، فهو الذي يجبر الكسير ويغني الفقير ، وييسر العسير ويجبر المريض المصاب بتوفيقه للصبر وتيسير المعافاة له مع تعويضه على مصابه أعظم الأجر ، ويجبر جبراً خاصاً قلوب الخاضعين لعظمته وجلاله
وقلوب المحبين له الخاضعين لكماله الراجين لفضله ونواله بما يفيضه على قلوبهم من المحبة وأنواع المعارف والتوفيق الإلهي والهداية والرشاد
 
 وقول الداعي :【اللهم أجبرني】يراد به هذا الجبر الذي حقيقته إصلاح العبد ودفع جميع المكاره والشرور عنه
 
 وقد كان النبي يقول بين السجدتين :
اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهديني وارزقني】رواه الترمذي وابن ماجه .

(3)- الثالث :
 من معاني الجـبّار أي العلي على كل شيء ، الذي له جميع معاني العلو
 علو الذات
 وعلو القدر
 وعلو القهر
والجبروت لله وحده ، ومن تجـبّر من الخلق باء بسخط الله واستحق وعيده ، وقد توعَّـد جلّ وعلا من كان كذلك بالنكال الشديد والطبع على القلوب ودخول النار يوم القيامة
◉ قال الله تعالى : ﴿ كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر ٍجـبّار
 
 وروى أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله :
« يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما ، وأذنان يسمع بهما ، ولسان ينطق به فيقول :
إني وكلت بثلاثة :
 بكل جـبّارٍ عنيد
 وبكل من ادعى مع الله إلها آخر
 والمصورين » .

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم (٦٣ - ٦٤)
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله



_________
 
 نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 
 ما فاتكم تجدونه في المدونة:
[مدونة مشروع الدين النصيحة]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -30-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (30)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -


|[ باب ما جاء في الرقي والتمائم ]|
في الصحيح عن أبي بَشِير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض أسفاره فأرسل رسولاً: "أن لا يَبْقَيَنَّ في رقبةِ بعيرٍ قِلادةٌ من وَتَر أو قلادةٌ إلا قُطِعَتْ" (¹) .
 
 مناسبة الباب لكتاب التوحيد:
 أنه استمرارٌ في ذكر الأشياء التي تخل بعقيدة التوحيد من الرقى والتمائم الشركية.
ما جاء في الرقى والتمائم: أي: من النهي عما لا يجوز منها.
في الصحيح: أي في الصحيحين.
عن أبي بشير: هو صحابيٌّ شهد غزوة الخندق، ومات بعد الستين.
قلادةٌ: ما يعلَّق في رقبة البعير وغيره.
وترٍ: واحد أوتار القوس.
أو قلادةٌ: شكٌّ من الراوي هل القلادة بقيدة بكونها من وتر أو مطلقة من الوتر وغيره.
 
 المعنى الإجمالي للحديث:
أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث في بعض أسفاره من ينادي في الناس بإزالة القلائد التي في رقاب الإبل التي يُراد بها دفع العين ودفع الآفات، لأن ذلك من الشرك الذي تجب إزالته.
 
مناسبة الحديث للباب:
من حيثُ إنه يدل على أن تقليد الإبل ونحوِها الأوتارَ وما في معناها لدفع الآفات حرامٌ وشرك، لأنه من تعليق التمائم المحرمة.
 
ما يستفاد من الحديث:
١- أن تعليق الأوتار – لدفع الآفات- في حكم التمائم في التحريم.
٢- إزالة المنكر.
٣- تبليغ الناس ما يصون عقيدتهم.
________
(¹) أخرجه البخاري برقم "٣٠٠٥" ومسلم برقم "٢١١٥" وأبو داود برقم "٢٥٥٢".

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٧٧-٧٨ ]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -29-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (29)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -


ولابن أبي حاتم عن حذيفة: "أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى فقطعه، وتلا قوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف: ١٠٦] .
ولابن أبي حاتم: أي وروى ابن أبي حاتم – صاحب كتاب الجرح والتعديل.
عن حذيفة: هو ابن اليمان العبسي حليف الأنصار صحابي جليل من السابقين الأولين، مات سنة ٣٦هـ رضي الله عنه.
من الحمى: أي للوقاية من الحمى فلا تصيبه بزعمه.
وتلا: أي قرأ الآية مستدلا بها على إنكار ما رأى.
 
معنى الأثر إجمالا:
أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أبصر رجلا قد ربط في عضده خيطا يتقي به مرض الحمى فأزاله عنه منكرا فعله هذا، واستدل بالآية التي أخبر الله فيها أن المشركين يجمعون بين الإقرار بتوحيد الربوبية والشرك في العبادة.
 
مناسبة الأثر للباب:
أن فيه اعتبار لبس الخيط –لدفع المرض- شركا يجب إنكاره.
 
ما يستفاد من الأثر:
١- إنكار لبس الخيط لرفع البلاء أو دفعه، وأنه شرك.
٢- وجوب إزالة المنكر لمن يقدر على إزالته.
٣- صحة الاستدلال بما نزل في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر لشموله له.
٤- أن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية ومع هذا هم مشركون، لأنهم لم يخلصوا في العبادة.

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٧٦ ]