احدث المواضيع

مقالات

من أقوال السلف | بطاقات |

من أقوال السلف 


كثرة الأتباع ليس معيارا لصحَّة الدعوة

«والمدعوُّ عليه أن لا يستوحش من قلَّة المستجيبين للداعية، ويتَّخذ ذلك سببًا للشكِّ في الدعوة الحقِّ وترك الإيمان بها، فضلًا عن أنْ يتَّخذ ذلك دليلًا على بطلان دعوته، بحجَّة أنه لم يتَّبعه أحدٌ، أو إنما اتَّبعه الأقلُّون، ولو كانت دعوته صادقةً لاتَّبعه جماهير الناس، والله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾».

[«السلسلة الصحيحة» للألباني (١/ ٧٥٥)]




الفرقان بين دعاة الحقِّ ودعاة الشيطان


قال العلامة ابن باديس -رَحِمَهُ اللهُ- :

«فمن دعا إلى ما دعا إليه النبيُّ -ﷺ- فهو
 دعاة الله، يدعو إلى الحقِّ والهدى، ومن دعا إلى ما لم يدعُ إليه محمَّدٌ -ﷺ- فهو من دعاة الشيطان يدعو إلى الباطل والضلال».

[ «آثار ابن باديس» (١/ ١٨٢)]



التحذير من الحزبية

«وأوصيكم بالابتعاد عن هذه الحزبيات التي نَجَم بالشر ناجِمُها، وهجم ـ ليفتك بالخير والعلم ـ هاجِمُها، وسَجَم على الوطن بالملح الأجاج ساجِمُها، إنَّ هذه الأحزاب كالميزاب، جَمَع الماء كدرًا، وفرَّقه هدرًا، فلا الزلالَ جَمَع، ولا الأرض نَفَع».


[«الآثار» لمحمَّد البشير الإبراهيمي (٣/ ٢٦٥)]



من لا يؤخذ عنه العلم

قال الإمام مالكٌ ـ رحمه الله ـ:

«لا يؤخذ العلم عن أربعةٍ: سفيهٍ يُعلن السفهَ وإن كان أروى الناس، وصاحب بدعةٍ يدعو إلى هواه، ومن يكذب في حديث الناس وإن كنتُ لا أتَّهمه في الحديث، وصالحٌ عابدٌ فاضلٌ إذا كان لا يحفظ ما يحدِّث به».

[«سير أعلام النبلاء» للذهبي (٧/ ١٦٢)]



أهل الأهواء عند الإمام مالك

قال أبو عبد الله بن خويز منداد المالكي:
 «أهل الأهواء عند مالكٍ وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكلُّ متكلِّمٍ فهو من أهل الأهواء والبدع: أشعريًّا كان أو غير أشعريٍّ، ولا تُقبل له شهادةٌ في الإسلام، ويُهجر ويؤدَّب على بدعته، فإن تمادى عليها استُتيب منها».

[«جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البرِّ (٢/ ٩٤٢)]



ميزة السلفيين

قال العلامة محمَّد أمان الجامي -رَحِمَهُ اللهُ- :

«وما يمتاز به المنهج السلفيُّ أنَّ الذين ينهجونه لا يختلفون إلَّا في الأسلوب والتعبير على اختلاف أزمنتهم ومشاكلهم، وذلك راجعٌ لوحدة المصدر لدعوتهم، وهو كتاب الله وسنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم وآثارُ الصحابة الموضِّحة لمعاني النصوص، إذ هم الذين حضروا نزولَ الوحي وفهموا النصوصَ فور نزولها، قبل أن يطول عليها العهد، ولذلك يحرص اللاحقون مِن السلف أن يقتدوا بالسابقين».

[«الصفات الإلهية»  (١١٢)]


مختصر فقه الأسماء الحسنى ( القدوس ) ( السبوح )

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

  الاســم
    ( القدوس ) ( السبوح )


 
 أما اسمه تبارك وتعالى [ القدوس ] فقد ورد في القرآن مرتين  قال تعالى : ﴿ هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون
 
 وقال تعالى : ﴿ يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم
 
 وأما [ السبوح ] فقد ورد في السنة وذلك فيما رواه مسلم في صحيحه 
 عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله كان يقول في ركوعه وسجوده :【سبوح قدوس رب الملائكة والروح
 
 وقد جمع عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بين التسبيح والتقديس ، كما جمع بينهما في قوله تعالى في ذكر تسبيح الملائكة وتقديسهم لله 
 ﴿ ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك
 
 وينبغي أن يعلم هنا أن تسبيح الله وتقديسه إنما يكون بتبرئة الله وتنزيهه عن كل سوء وعيب ، مع إثبات المحامد وصفات الكمال له سبحانه على الوجه اللائق به .
 
 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :【والأمر بتسبيحه يقتضي تنزيهه عن كل عيب وسوء ، وإثبات المحامد التي يحمد عليها فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره وتوحيده
 
 وبه يعلم أن ما يفعله المعطلة من أهل البدع من تعطيل للصفات وعدم إثبات لها ، وجحد لحقائقها ومعانيها بحجة أنهم يسبحون الله وينزهونه ، فهو في الحقيقة ليس من التسبيح والتقديس في شيء ، بل هو إنكار وجحود وضلال وبهتان .
 
 قال ابن رجب رحمه الله في معنى قوله تعالى :
 ﴿ فسبح بحمد ربك 
أي سبحه بما حمد به نفسه ، إذ ليس كل تسبيح بمحمود كما أن تسبيح المعتزلة تعطيل كثير من الصفات
 
 فقوله رحمه الله :【إذ ليس كل تسبيح بمحمود】كلام في غاية الأهمية 
 إذ ان تسبيح الله بإنكار صفاته وجحدها وعدم إثباتها أمر ﻻ يحمد عليه فاعله ، بل يذم غاية الذم وﻻ يكون بذلك من المسبحين بحمد الله ، بل يكون من المعطلين المنكرين الجاحدين ، من الذين نزه الله نفسه عن قولهم وتعطيلهم
 
 بقوله : ﴿ سبحان ربك رب العزة عما يصفون () وسلام على المرسلين () والحمد لله رب العالمين
 
 فسبح الله نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل ، وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه في حق الله من النقص والعيب .

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم (٤١ - ٤٢)
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله

     

مختصر فقه الأسماء الحسنى ( السلام )

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

    الاســم
     ( السلام )

 
 وهو اسم ورد في القرآن الكريم مرة واحدة
 في قول الله تعالى : ﴿ هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون
 
 ومعنى هذا الاسم الكريم :
أي السلام من جميع العيوب والنقائص لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله ، فهو جل وعلا السلام الحق بكل اعتبار
 
 سلام في ذاته من كل عيب ونقص يتخيله وَهْم
 وسلام في صفاته من كل عيب ونقص
 وسلام في أفعاله من كل عيب ونقص ، وشر وظلم وفعل واقع على غير وجه الحكمة
 
 وهو سبحانه السلام من الصاحبة والولد
 والسلام من النظير والكفء ، والسمي والمماثل
 والسلام من الند والشريك
 
 وهو اسم يتناول جميع صفات الله تعالى ، فكل صفة من صفاته جل وعلا سلام من كل عيب ونقص
 
 وقد فصل هذا الأمر وقرره ابن القيم رحمه الله تعالى بتقرير واف ، وبسطه بكلام رصين متين ثم ختمه بقوله :
【فتأمل كيف تضمن اسمه [ السلام ] كل ما نزه عنه تبارك وتعالى وكم ممن حفظ هذا الاسم ﻻ يدري ما تضمنه من هذه الأسرار والمعاني】

المصـــــــدر : 
مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم ( ٤٠ )
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله


 

مختصر فقه الأسماء الحسنى ( الكريم ) ( الأكرم )

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

 الاســم
      ( الكريم ) ( الأكرم )

 
 أما [ الكريم ] فقد ورد في ثلاثة مواضع
 قال تعالى : ﴿ ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم
 وقال تعالى : ﴿ ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم
 وقال تعالى : ﴿ فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم
على قراءة من قرأ برفع [ الكريم ] على أنها صفة للرب
 
 وأما [ الأكرم ] فقد ورد في موضع واحد وهو
 قوله تعالى : ﴿ اقرأ وربك الأكرم
 
 وهو دال على ثبوت الكرم وصفاً لله عز وجل
 
 ولفظ الكرم لفظ جامع للمحاسن والمحامد ، ﻻ يراد به مجرد الإعطاء ، بل الإعطاء من تمام معناه ، ولذا ورد عن أهل العلم في معنى هذا الإسم أقوال عديدة
 فقيل معناه : أي كثير الخير والعطاء
 وقيل : الدائم بالخير
 وقيل : الذي له قدر عظيم وشأن كبير
 
 وقيل : أي المنزه عن النقائص والآفات
 وقيل معناه : المكرم المنعم المتفضل
 وقيل : الذي يعطي ﻻ لعوض
 
 وقيل : الذي يعطي لغير سبب
 وقيل : الذي يعطي من يحتاج ومن ﻻ يحتاج
 وقيل : الذي إذا وعد وفّى

 
 وقيل : الذي ترفع إليه كل حاجة صغيرة أو كبيرة
 وقيل : الذي ﻻ يضيع من توسل إليه وﻻ يترك من ألتجأ إليه
وقيل في معناه : الذي يتجاوز عن الذنوب ويغفر السيئات
 
 إلى غير ذلك مما قيل في معنى هذا الاسم العظيم وكل ذلك حق لأن هذا الاسم من الأسماء الحسنى الدالة على معان عديدة ﻻ على معنى مفرد
وإذا أعتبرت جميع ما قيل في معنى هذا الاسم علمت أن الذي وجب لله تعالى من ذلك ﻻ يحصي من جلائل المعاني وكرائم الأوصاف

المصـــــــدر : 
مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم ( ٣٩ )
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله


_________
   
 نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 


مختصر فقه الأسماء الحسنى الاســم ( الغني )

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ
   الاســم
     ( الغني )
 
وقد ورد هذا الاسم في ثمانية عشر موضعاً من القرآن 
 قال تعالى : ﴿ وربك الغني ذو الرحمة
 وقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد
 
 فهو تبارك وتعالى الغنيّ بذاته ، الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات لكماله وكمال صفاته التي ﻻ يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه .
 
 ومن كمال غناه أنه ﻻ تنفعه طاعة الطائعين ، وﻻ تضره معصية العاصين ، فلو آمن أهل الأرض كلهم جميعاً ما زاد في ملكه شيئاً ، ولو كفروا جميعاً لم ينقص ذلك من ملكه شيئًا .
 
 فمن عرف ربه بهذا الوصف العظيم عرف نفسه
 من عرف ربه بالغنى المطلق ، عرف نفسه بالفقر المطلق
 ومن عرف ربه بالقدرة التامة ، عرف نفسه بالعجز التام
 ومن عرف ربه بالعز التام ، عرف نفسه بالمسكنة التامة
 ومن عرف ربه بالعلم التام والحكمة ، عرف نفسه بالجهل
 
 وعلم العبد بافتقاره إلى الله الذي هو ثمرة هذه المعرفة هو عنوان سعادة العبد وفلاحه في الدنيا والآخرة .

المصـــــــدر : 
مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم ( ٣٨ )
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله


_________
   
نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 


شــرح حديث في تحريم التَّصوير وشدة الوعيد عليه للشَّيْخ العَلَّامَة صَالِحُ بِن فَوْزَانُ الفَوْزَان - حَفِظَهُ اللهُ -

شــرح
حديث في تحريم التَّصوير
وشدة الوعيد عليه

لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله -



بسم الله، والحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، أما بعدُ:

الحـديـث:
عن أبي هريرة -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «قال الله -تَعالَى-: ومَن أظلم ممَّن ذهب يَخلق كخَلْقي، فلْيَخْلُقُوا حبةً، ولْيخلُقُوا ذرةً، أو لِيَخْلُقُوا شعيرةً».(1)

[رواه البخاري ومسلم]

الشــرح:
التَّصوير: إيجادُ صورة تُشبه شكلَ المخلوق، بأيِّ وسيلةٍ؛ سواء كان ذلك ببناءِ تِمثال على هيئة المخلوق، أو بِرسمِ صُورة تُشبهه على لوحةٍ أو ورقٍ أو قُماش أو جدارٍ، أو بِالتقاط صورتِه بالآلة الفوتوغرافية وتثبيتِها على شيء مِن ذلك.
والحديث يدلُّ على تحريم ذلك، وأنَّ مَن فَعله؛ فهو مِن أظلم الظالِمين، وأن العلَّة في ذلك: هي مُضاهاة خَلق الله، وهي محاولةٌ فاشلة آثِمة؛ فالمُصوِّر لن يصلَ إلى هذه الغاية -مهما حاول-؛ لأن الخلق والتَّصوير من خصائص الله -عزَّ وجلَّ-.
قال -تَعالَى-: {اللهُ خالِقُ كلِّ شيءٍ} [الرعد: 16]، وقال -تَعالَى-: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} [النحل: 17]، وقال -تَعالَى-: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: 64]،

ومن أسمائه (المصوِّر)، وقال -تَعالَى-: {هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: 11].
ولهذا عجز المصوِّرون -عُمومًا-مِن أول الخليقة إلى آخرها- لـمَّا تحداهم فقال -عزَّ وجلَّ-: «فَلْيَخلُقوا حبَّةً»، «فَلْيَخلُقُوا ذَرَّةً أو ليخلُقُوا شَعيرةً».
وأخبر النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أن المصوِّر تُجمع له يوم القيامة صُوَرُه التي صوَّرَها في الدُّنيا ويُطالَب بنفخِ الرُّوح فيها؛ تعجيزًا له، وتعذيبًا له!
فيُطالَب تارةً بخَلقِ أصغر الحيوانِ؛ وهو الذرَّة، وتارةً بِخلقِ الجَماد؛ وهو الشَّعيرة -كما يحاول مضاهاةَ خلْقِ الله في الدُّنيا-.
فلْيسْتَعِدَّ لذلك المصيرِ المؤلِم: هؤلاء المُصوِّرون الذين اتَّخذوا التَّصوير حرفةً وفَنًّا أو دعايةً لترويج سِلَعِهم، أو صُحُفهم ومجلاتِهم. 
ولْيستعدَّ لذلك المصيرِ المؤلِم: هؤلاء الذين يُحاوِلون إيجادَ الإنسان الآليِّ، ويتبجَّحون ببنائِه وإبرازِه.

والتَّصوير حُـرِّم لعدة محاذير:
أوَّلًا: أنَّه مِن وسائل الشِّرك؛ فإن الشِّركَ أوَّل ما حدثَ في الأرض كان سببُه التَّصوير.
لما صوَّر قومُ نوحٍ رجالًا صالِحين بعد وفاتهم، ونصبوا صُورَهم على مجالسِهم -بإيحاءٍ مِن الشَّيطان-، فلما مضى فترةٌ من الزمان؛ عُبدت تلك الصُّور مِن دون الله، ولمَّا نهاهم نبيُّ اللهِ نوح -عليهِ السَّلام- عن عبادتِها؛ أصرُّوا عليها، وأبَوْا أن يَتركوها: {وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23].
وكذلك قوم إبراهيم كان شِركُهم بعبادةِ التَّماثيل، وقد أنكر عليهم خليلُ الله -عليهِ السَّلام- ذلك قال: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}، فاحتجوا بقولهم: {وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 53].
فالتَّصوير منشأ الوثنية؛ لأنَّ (الاحتفاظَ) بالصُّور -خصوصًا: صُوَر المعظَّمين-، ووضعها موضِع الإجلال -بتعليقها على الجُدران، أو إقامة التماثيل لها في الميادين-؛ يُسبب تعلُّقًا بها وتعظيمًا لها، يَؤُول -في النِّهاية- إلى عبادتِها.
ولهذا سدَّ الشَّارع هذا الطَّريقَ، وقطعَ هذه الوسيلة؛ فحرَّم التَّصويرَ، وتوعَّد عليه بأشدِّ الوَعيد، وأمرَ بِطمسِ الصُّور وإهانتِها وامتهانِها تَخلُّصًا مِن شرِّها، ولتجنيب الأجيال اللاحقة عظيمَ خطرِها.

ثانيًـا: حرم التَّصوير؛ لِما فيه من مضاهاةِ خلقِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- الذي تفرَّد بالخلق.
فهذا المصوِّر يُحاول أن يوجِد ما يُشبه خلْقَ الله!
وقد ذكر النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- هذه العلَّة في هذا الحديث: وهي المضاهاة بخَلْق الله؛ لأن الله -تَعالَى- له الخلقُ والأمر، وهو خالق كل شيء، وهو الذي صوَّر جميع المخلوقات، وجعل فيها الأرواح التي تحصل بها الحياة؛ كما قال -تَعالَى-: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ - ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ - ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [السجدة: 7- 9].
فالمصوِّر لمَّا صوَّر الصُّورة على شكلِ ما خلَقَهُ الله -تَعالَى-مِن إنسانٍ، وبهيمةٍ-؛ صار مُضاهيًا لِخلْقِ الله؛ فصار ما صوَّرَه عذابًا له يوم القيامة، وكُلِّف أن ينفخَ فيه الرُّوحَ، وليس بنافخٍ! فكان أشدَّ النَّاس عذابًا؛ لأنَّ ذنبه مِن أكبر الذنوب.

وقد قسَّم النَّووي(2) -رحمه الله- المصوِّرين إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مَنْ صنع الصُّورةَ لِتُعبَدَ من دون الله، كالذين يَصنعون الأصنام؛ فهذا كافر، وهو أشدُّ النَّاس عذابًا.

القِسم الثَّاني: مَنْ لم يقصد أن تُعْبَدَ الصُّورةُ؛ ولكنَّه قصَد مُضاهاةَ خلْقِ الله؛ فهذا -أيضًا- كافر، وله مِن شدَّة العذاب ما لِلكافر.

القِسم الثالث: مَنْ لم يقصد العبادةَ ولا المضاهاةَ، فهذا فاسِق صاحب ذنبٍ كبير.

ثالثـًا: يحرم التَّصوير؛ لما يَجرُّ إليه مِن الافتِتان بالصُّورةِ الجميلة للنِّساء، خصوصًا: النِّساء الخليعات المتبرِّجات العاريات، وشبه العاريات؛ كالصُّور التي تنشر في الأفلام وبعض الصُّحف والمجلات؛ فإن هذه الصُّور تدعو إلى فسادِ الأخلاق، وانتشار الجريمة، وكذا عرض صُور الرِّجال أمام النِّساء مما يَدعوهنَّ للافتتان بهم، وقد أصبح هذا اللَّون من الصُّور مِن أعظم الفتن التي أفسدت الأخلاق.

وقد ورد في التَّصوير أنواعٌ مِن الوعيد:
منها: لَعنُ المُصوِّرين، وأنَّهم أشدُّ النَّاس عذابًا يوم القيامة، وأنَّه يُقال للمُصوِّرين: «أَحْيُوا ما خَلَقْتُم»، وأنَّهم يكلَّفون أن ينفخوا الرُّوحَ في الصُّور التي صوَّروها، وأن المُصَوِّر يُعذَّب بكلِّ صورةٍ صوَّرها في الدُّنيا؛ يُجعل له نفسٌ يعذَّب بها، وأن المُصوِّر أظلم الظالمين.
وكما يحرم التَّصوير؛ يحرم استعمال الصُّور والاحتفاظ بها للذِّكريات، وتعليقها على الجُدران، أو وضعها على طاولات التَّجميل -سواء كانت تماثيل أو رسومًا- (3)، وصحَّ في الحديث: «أن الملائكةَ لا تَدخُلُ بيتًا فيه صُورةٌ» (4).
وكذا يحرم بيع الصُّور وأكلُ ثمنِها؛ فيجب على المسلمين الحذرُ مِن ذلك؛ خُصوصًا تلك الأفلام الخليعة التي تعرض على شاشة الفيديو، وهي تشتمل على صُوَر متحرِّكة عارية، أو على صُورٍ تَعرض الفحش والإجرامَ، وتدعو إلى الرَّذيلة وتدمير الأخلاق -فقد غُزي كثيرٌ مِن البيوت والعائلات بهذا السِّلاح المدمِّر-، وكما يحرم استعمالُ هذه الأفلام؛ يحرم بيعُها وترويجها، ويجب إتلافُها والتَّنكيل بمَن يبيعها، أو يستعملها؛ تَجنيبًا للأمَّة من مخاطرها.

وفَّق الله ولاةَ أمور المسلمين لِمنع هذه الأفلام مِن الدُّخول إلى ديار المسلمين، والأخذ على يدِ السُّفهاء والعابثين، وهذا مِن أعظم النَّصيحة، والله الموفق.



والحمدلله رب العالمين



________________
(1) رواه البخاري (5953) كتاب اللباس / 90 - باب نقض الصور.
ومسلم (111) كتاب اللباس والزينة/26- باب تحريم تصوير صورة الحيوان.
(2) "شرح صحيح مسلم" (14/91).
(3) ما عدا الصور (الضَّرورية) في حفيظة النفوس، وجواز السفر؛ فلا بأس بها للضرورة.
(4) رواه البخاري (3225)، ومسلم (2106)، من حديث أبي طلحة.


[منقول -بحواشيه- من: «دروس من القرآن الكريم والسنة المطهرة»، للشيخ العلامة صالح الفوزان، (183- 186)،


مختصر فقه الأسماء الحسنى الاســم ( الحكيم )

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ
 
الاســم
  ( الحكيم )

 
وقد ورد اسم الله [ الحكيم ] في القرآن الكريم ما يقرب من مائة مرة
 قال تعالى : ﴿ وهو الحكيم الخبير
 وقال تعالى : ﴿ والله عزيز حكيم

❒ وهذا الاسم العظيم : دال على ثبوت  كمال الحكم لله ، وكمال الحكمة
 
 أما كمال الحكمة :
فبثبوت الحكمة له سبحانه في خلقه وفي أمره وشرعه حيث يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها وﻻ يتوجه إليه سؤال وﻻ يقدح في حكمته مقال .
 
 وأما كمال الحكم :
فبثبوت أن الحكم لله وحده يحكم بين عباده بما يشاء ، ويقضي فيهم بما يريد ﻻ راد لحكمه وﻻ معقب لقضائه
 قال تعالى : ﴿ إن الحكم إلا لله
 وقال تعالى : ﴿ وﻻ يشرك في حكمه أحدًا
 
 وليس لأحد أن يراجع الله في حكمه كما يراجع الناس بعضهم بعضاً في احكامهم
 قال تعالى : ﴿ والله يحكم ﻻ معقب لحكمه وهو سريع الحساب

فحكمه في خلقه نافد ﻻ راد له ، وثبوت الحكم له سبحانه يتضمن ثبوت جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا ، لأنه ﻻ يكون حكماً إلا سميعا ،ً بصيراً ، عليماً ، خبيراً ، متكلماً ، مدبراً ، إلى غير ذلك من الأسماء والصفات .

المصـــــــدر : 
مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم ( ٣٧ )
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله


_________
   
 نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ

مختصر فقه الأسماء الحسنى (الأول) (الآخر) (الظاهر) (الباطن)

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ 

 الأســماء
(الأول) (الآخر) (الظاهر) (الباطن)
 
 وقد وردت هذه الأسماء الأربعة مجتمعة في موضع واحد من القرآن الكريم
 قال الله تعالى : ﴿ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليم

وخير ما تفسر به هذه الأسماء الحسنى ويبين به معناها ماورد في السنة النبوية في مناجاة النبي لربه بهذه الأسماء مناجاة تتضمن بيان معاني هذه الأسماء وتوضح مدلولاتها
 
 روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله يأمرنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول :
 
 اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وانت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، أقضي عنا الدين واغننا من الفقر

 فبين عليه الصلاة والسلام في هذا الدعاء الجامع معنى كل اسم ونفى مايناقضه ، وهذا أعلى درجات البيان .

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم ( ٣٦ )للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله

_________

   ↔️- نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ