احدث المواضيع

مقالات

لــــيلة الــــقدر : سبب التسمية، فضلها ، وقتها ، علاماتها ..

 ﷽ 

::: لــــيلة القــدر :::

قال الله - سبحانه وتعالى -: 
بِّسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥) ﴾
 [القدر: 1 -5].

سبب التسمية 

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: 

« وسميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وهو التقدير السنوي، وهو التقدير الخاص، أما التقدير العام فهو متقدم على خلق السماوات والأرض كما صحة بذلك الأحاديث، وقيل سميت (ليلة القدر) لعظم قدرها وشرفها...»


 قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 
 
«
 أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف
 ●ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .
 ●ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه

وقوله " فيها يفرق كل أمر حكيم " أي تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة .

والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر -والله أعلم - أنها تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ .

قال ابن عباس " أن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفي الأموات " أي انه كتب في ليلة القدر انه من الأموات . وقيل أن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة .

ومعنى " القدر " التعظيم ، أي أنها ليلة ذات قدر ، لهذه الخصائص التي اختصت بها ، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر . 


وقيل : القدر التضييق ، ومعنى التضييق فيها : إخفاؤها عن العلم بتعيينها ، وقال الخليل بن أحمد : إنما سميت ليلة القدر ، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة ، من ( القدر ) وهو التضييق ، قال تعالى : ( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) سورة الفجر /16 ، أي ضيق عليه رزقه .

وقيل : القدر بمعنى القدَر - بفتح الدال - وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى : (فيها يفرق كل أمر حكيم)
ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها .

فسماها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها فهي ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) البخاري ( 1910) ، ومسلم ( 760 ).


 

وقــــتــها


الشيخ صالح الفوزان حفظه الله

سئــلَ -حَـفظَهُ الله- :
توارت الأدلة والنصوص بالكتاب والسنة على عظيم وفضل ليلة القدر أرجاء ليلة تكون في ليلة القدر؟


الجواب:
« ليلة القدر محتملة في رمضان كلهِ، لا يقطع في ليلة معينه منهُ، لا دليل على ذلك ولكن المتأرجح، أنها بالعشر الأواخر وأرجح من العشر الأواخر ليلة سبع وعشرين، قيل ليلة أول ليلة من العشر وقيل ثلاثة وعشرين وقيل ليلة خمسة وعشرين وقيل ليلة سبعة وعشرين وقيل ليلة تسعة وعشرين وأرجحها ليلة سبعة وعشرين.»
قال الامام ابن باز رحمه الله: 

« أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها في العشر الأواخر من رمضان، وأن أوتار العشر أرجى من غيرها، فقال عليه الصلاة والسلام: ((التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في كل وتر)) وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن هذه الليلة متنقلة في العشر، وليست في ليلة معينة منها دائماً، فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون في ليلة خمس وعشرين، وقد تكون في ليلة سبع وعشرين وهي أحرى الليالي، وقد تكون في تسع وعشرين، وقد تكون في الأشفاع. فمن قام ليالي العشر كلها إيماناً واحتساباً أدرك هذه الليلة بلا شك، وفاز بما وعد الله أهلها.»
الحكمة من اخفاءها 
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: 
«...وحكمة إخفائها ليجتهد المسلمون في العبادة في جميع ليالي العشر، كما أخفيت ساعة الإجابة من يوم الجمعة ليجتهد المسلم في جميع اليوم، ويستحب للمسلم أن يكثر فيها من الدعاء، لأن الدعاء فيها مستجاب ويدعو بما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله: إن وافقتها فيم أدعو قال: " قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى" رواه أحمد وابن ماجه. ..»

هل تُرى ليلة القدر

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: 

«...قد ترى ليلة القدر بالعين لمن وفقه الله سبحانه وذلك برؤية أماراتها، وكان الصحابة رضي الله عنهم يستدلون عليها بعلامات ولكن عدم رؤيتها لا يمنع حصول فضلها لمن قامها إيمانا واحتسابا، فالمسلم ينبغي له أن يجتهد في تحريها في العشر الأواخر من رمضان كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم طلبا للأجر والثواب فإذا صادف قيامه إيمانا واحتسابا هذه الليلة نال أجرها وإن لم يعلمها قال صلى الله عليه وسلم: ((من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه))، وفي رواية أخرى: ((من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر))[1]وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن من علاماتها طلوع الشمس صبيحتها لا شعاع لها، وكان أبي بن كعب يقسم على أنها ليلة سبع وعشرين ويستدل بهذه العلامة، والراجح أنها متنقلة في ليالي العشر كلها، وأوتارها أحرى، وليلة سبع وعشرين آكد الأوتار في ذلك، ومن اجتهد في العشر كلها في الصلاة والقرآن والدعاء وغير ذلك من وجوه الخير أدرك ليلة القدر بلا شك وفاز بما وعد الله به من قامها إذا فعل ذلك إيمانا واحتسابا.
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.»


قال العلاَّمة الألباني رحمه الله:

« ذلك أمرٌ وُجداني يشعر به كل من أنعم الله تبارك وتعالى عليه برؤية ليلة القدر؛ لأن الإنسان في هذه الليلة يكون مقبلاً على عبادة الله عز وجل، وعلى ذكره والصلاة له، فيتجلى الله عز وجل على بعض عباده بشعور ليس يعتاده حتى الصالحون!! لا يعتادونه في سائر أوقاتهم!
فهذا الشعور هو الذي يمكن الاعتماد عليه؛ بأن صاحبه يرى ليلة القدر.
والسيدة عائشة رضي الله عنها قد سألت الرسول عليه الصلاة والسلام سؤالاً ينبئ عن إمكان شعور الإنسان برؤيته لليلة القدر، حينما توجهت بسؤالها للنبي عليه الصلاة والسلام بقولها: ( يا رسول الله! إذا أنا رأيت ليلة القدر ماذا أقول؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) ففي هذا الحديث فائدتان: الفائدة الأولى: أن المسلم يمكن أن يشعر شعوراً ذاتياً شخصياً بملاقاته لليلة القدر. والفائدة الثانية: أنه إن شعر بذلك فخير ما يدعو به هو هذا الدعاء: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).
وقد جاء - بهذه المناسبة - في كتابنا هذا الترغيب في بعض الدروس المتأخرة: أن خير ما يسأل الإنسان ربه تبارك وتعالى هو: العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
نعم. هناك لليلة القدر بعض الأمارات والعلامات المادية، لكن هذا قد لا يمكن أن يرى ذلك كلُّ من يرى ويعلم ليلة القدر، لأن هذه العلامات بعضها يتعلق بالجو العام الخارجي، كأن تكون -مثلاً- الليلة ليست بقارة ولا حارة، فهي معتدلة، ليست باردة ولا هي حارة، فقد يكون الإنسان في جو لا يمكنه من أن يشعر بالجو الطبيعي في البلدة، كذلك هناك علامة لكن هي بعد فوات وقت ليلة القدر، تلك العلامة تكون في صبح تلك الليلة حين تطلع الشمس، حيث أخبر عليه الصلاة والسلام بأنها تطلع صبيحة ليلة القدر كالطست -كالقمر- ليس له شعاع، هكذا تطلع الشمس في صبيحة ليلة القدر، وقد رُئي هذا من بعض الناس الصالحين ممن كان يهمهم رؤية وملاحظة ذلك في كثير من ليالي القدر.
المهم بالنسبة للشخص المتعبد ليس هو التمسك بمثل هذه الظواهر؛ لأن هذه الظواهر هي عامة! يعني هذه طبيعة الجو، لكن لا يشترك كل من عاش في ذلك الجو في رؤية ليلة القدر، يعني في أن يكون في الصفاء النفسي في لحظة من تلك اللحظات في تلك الليلة المباركة، بحيث أنَّ الله عز وجل يتجلى عليه برحمته وفضله، فيلهمه ويؤيده بما سبق وبغيره.
فالعلامات المادية هي علامات لا تدل على أن كل من شاهدها أو لمسها قد رأى ليلة القدر، وهذا أمر وضح، ولكن الناحية التي يجدها الإنسان في نفسه من الصفاء الروحي، والشعور برؤيته لليلة القدر، وتوجهه إلى الله بسؤاله بما شرع، هذه هي الناحية التي ينبغي أن ندندن حولها ونهتم بها؛ لعل الله عز وجل أن يتفضل بها علينا. »


من شريط (محاضرات متفرقة رقم 260)

فـــضــائلـــها 

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:  

« فضائلُ متعددةٌ لليلةِ القدرِ:
الفضيلةُ الأولى: أن الله أنزلَ فيها القرآنَ الَّذِي بهِ هدايةُ البشرِ وسعادتُهم في الدُّنَيا والآخرِهِ.
الفضيلةُ الثانيةُ: ما يدُل عليه الاستفهامُ من التفخيم والتعظيم في قولِه: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ }.
الفضيلةُ الثالثةُ: أنَّها خيرٌ مِنْ ألفِ شهرٍ.
الفضيلةُ الرابعةُ: أنَّ الملائكةَ تتنزلُ فيها وهُمْ لاينزلونَ إلاَّ بالخيرِ والبركةِ والرحمةِ.
الفضيلةُ الخامسةُ: أنها سَلامٌ لكثرةِ السلامةِ فيها من العقابِ والعذابِ بما يقوم به العبدُ من طاعةِ الله عزَّ وجلَّ.
الفضيلة السادسةُ: أنَّ الله أنزلَ في فضِلِها سورةٌ كاملةً تُتْلَى إلى يومِ القيامةِ.

ومن فضائل ليلةِ القدرِ ما ثبتَ في الصحيحين من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: «من قَامَ ليلةَ القدرِ إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه»، فقوله إيماناً واحتساباً يعني إيماناً بالله وبما أعدَّ اللهُ من الثوابِ للقائمينَ فيهَا واحتساباً للأجرِ وطلب الثواب. وهذا حاصلٌ لمنْ علِمْ بها ومَنْ لم يعلَمْ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لَمْ يَشْترطِ العلمَ بهَا في حصولِ هذا الأجر.»


المصدر:
 [ "مجالس شهر رمضان" صـ (١٦١) ].


══════ ❁✿❁ ══════

قال الشيخ ابن باز رحمه الله:  


« ليلة القدر ليلة عظيمة، بين الله شرفها سبحانه في كتابه العظيم حيث قال عز وجل: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) سورة القدر. وقال سبحانه في سورة الدخان: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) سورة الدخان. فهي ليلة عظيمة، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها تكون في العشر الأواخر من رمضان، وكان يعتني بها -صلى الله عليه وسلم»




ليلة القدر ليست للمصلين فقط



 بل هي للنفساء والحائض، والمسافر والمقيم، وقد قال الضحاك: "لهم في ليلة القدر نصيب، كلُ من تقبل الله عمله، سيعطيه نصيبه من ليلة القدر".
وينبغي للإنسان أن يشغل عامة وقته بالدعاء والصلاة، قال الشافعي: استحب أن يكون اجتهاده في نهارها، كاجتهاده في ليلها. وقال سفيان الثوري: "الدعاء في الليلة أحب إلي من الصلاة".

قال النووي: ويُستحب أن يُكثر فيها من الدعوات بمهمات المسلمين، فهذا شعار الصالحين، وعباد الله العارفين"ا.هـ.


الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 


❁✿❁  جــمع وترتيب إخوانكم فيالمدوّنة ❁✿❁