احدث المواضيع

مقالات

سلسلة تفسير السعدي "سورة الفاتحة الاية (1)"

بسم الله الرحمن الرحيم
              
         سورة الفاتحة
       الاية رقـ(١)ـم

قال تعالى:
       "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ"

{ بِسْمِ اللَّهِ }
 أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى, لأن لفظ { اسم } مفرد مضاف, فيعم جميع الأسماء [الحسنى].
 
{ اللَّهِ } هو المألوه المعبود, المستحق لإفراده بالعبادة, لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال.
 
{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء, وعمت كل حي, وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة, ومن عداهم فلهم نصيب منها.
 
واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها, الإيمان بأسماء الله وصفاته, وأحكام الصفات. فيؤمنون مثلا, بأنه رحمن رحيم, ذو الرحمة التي اتصف بها, المتعلقة بالمرحوم. فالنعم كلها, أثر من آثار رحمته, وهكذا في سائر الأسماء. يقال في العليم: إنه عليم ذو علم, يعلم [به] كل شيء, قدير, ذو قدرة يقدر على كل شيء.
 
المصدر: تفسير السعدي(صـ٢٧).

مختصر فقه الأسماء الحسنى ( العزيز )

بسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

          الاســم
           ( العزيز )

 
 ورد اسم [ العزيز ] في القرآن الكريم ما يقرب من مائة مرة

❒ [ والعزيز ]
✵ معناه : الذي له جميع معاني العزة
◉ كما قال سبحانه : ﴿ إن العزة لله جميعاً

✵ أي الذي له العزة بجميع معانيها ، وهي ترجع إلى ثلاثة معانٍ كلها ثابته لله عز وجل على التمام والكمال

(1)- المعنى الأول :
عزة القوة ، وهي وصفه العظيم الذي ﻻ تُنسب إليه قوة المخلوقات وإن عظُمت
◉ قال تعالى : ﴿ إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين

(2)- المعنى الثاني :
 عزة الامتناع ، فإنه الغني بذاته فلا يحتاج إلى أحد ، ﻻ يبلغ العباد ضره فيضرونه ، وﻻ نفعه فينفعونه ، بل هو الضار النافع ، المعطي المانع
مُنزّه سبحانه عن مغالبة أحد وعن أن يقدر عليه ، وعن جميع ما ﻻ يليق بعظمته وجلاله من العيوب والنقائص ، وعن كل ما ينافي كماله ، وعن إتخاذ الأنداد والشركاء
◉ قال الله تعالى : ﴿ سبحان ربك رب العزة عما يصفون () وسلامٌ على المرسلين () والحمد لله رب العالمين

(3)- المعنى الثالث :
 عزة القهر والغلبة لجميع الكائنات فهي كلها مقهورة لله خاضعة لعظمته ، منقادة لإرادته ، ونواصي جميع المخلوقات بيده ﻻ يتحرك منها متحرك وﻻ يتصرف متصرف إلا بحوله وقوته وإذنه
فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وﻻ حول وﻻ قوة إلا بالله

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم (٦٢)
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله



_________
   
 نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 
 ما فاتكم تجدونه في المدونة:
[مدونة مشروع الدين النصيحة]

مختصر فقه الأسماء الحسنى ( الغالب ) ( النصير )

بسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

     الاســم 
      ( الغالب ) ( النصير )
 
 وقد ورد اسم الله [ الغالب ] في موضع واحد من القرآن
◉ وهو قول الله تعالى : ﴿ والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس ﻻ يعلمون
 
 وورد اسمه [ النصير ] في أربعة مواضع
◉ وهي قوله تعالى : ﴿ فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير
◉ وقوله تعالى : ﴿ وكفى بالله نصيراً
◉ وقوله تعالى : ﴿ واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير
◉ وقوله تعالى : ﴿ وكفى بربك هادياً ونصيراً

❒ [ والغالب ]
✵ معناه : الذي يفعل مايشاء ، ﻻ يغلبه شيء ، وﻻ يرد حكمه راد ، وﻻ يملك أحد رد ما قضاه ، أو منع ما أمضاه .
 
 قال القرطبي رحمه الله :
【فيجب على كل مكلّف أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الغالب على الإطلاق ، فمن تمسّـك به فهو الغالب ولو أن جميع من في الأرض طالب
◉ قال تعالى : ﴿ كتب الله لأغلبن انا ورسلي
 ومن أعرض عن الله تعالى وتمسّـك بغيره كان مغلوباً وفي حبائل الشيطان مقلوباً】

❒ [ والنصير ]
✵ معناه : الذي تولى نصر عباده وتكفّل بتأييد أوليائه والدفاع عنهم ، والنصر ﻻ يكون إلا منه وﻻ يتحقق إلا بمَـنّه ، فالمنصور من نصره الله إذ ﻻ ناصر للعباد سواه ، وﻻ حافظ لهم إلا هو
◉ قال تعالى : ﴿ وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم
◉ وقال تعالى : ﴿ إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده
 
 وقد ذكر الله سبحانه في مواضع عديدة من القرآن الكريم مـنّته على أنبيائه وأوليائه بالنصر والتأييد
 قال تعالى : ﴿ إنّا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد
 
 وهو خطاب للمؤمنين الذين قاموا بحقائق الإيمان الظاهرة والباطنة بأنهم هم المنصورون وأن العاقبة الحميدة لهم في الدنيا والآخرة
ولهذا فإن المؤمنين ما لم يجاهدوا أنفسهم على تحقيق الإيمان ، والإتيان بمقومات النصر على الأعداء ﻻ يتحقق لهم نصر ، بل يتسلط عليهم اعداؤهم بسبب ذنوبهم وتقصيرهم
 
 وﻻبد أيضاً من حسن الإلتجاء إلى من بيده النصر ، والله عز وجل حافظ من لجأ إليه ، وكاف ٍمن أعتصم به ، فنعم المولى ونعم النصير .

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم (٦٠ - ٦١)
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله

                
_________
 
نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 
 ما فاتكم تجدونه في المدونة:
[مدونة مشروع الدين النصيحة]

سـلْـسِـلـَةٌ فِـي تَـرْبِيَــةِ الأَوْلَادِ العَـــ1ـــدَدُ

ـــــــــ ﷽ ـــــــــ



▪️سـلْـسِـلـَةٌ فِـي تَـرْبِيَــةِ الأَوْلَادِ▪️

            العَـــ1ـــدَدُ


•----------••----------•
 
 إسْتِشْعَــارُ المَسْـؤُولِيَـة

◉ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله   يقول:

《 كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها 》
 
•[ رواه البخاري (٨٩٣)]•
•[ ومسلم (٤٧٥١)]•

•----------••----------•
 
 فـِـتــْنَةُ الاولاد

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ ﴾التغابن:14

◉ قــال مــُجَــاهِــدٌ رحــمــه الله :

《 إنَّهما يحملانه على قطيعة رحمه ، وعلى معصية ربِّه ، فلا يستطيع مع حُبِّهِ إلا أن يُطيعه 》
 
•[ رواه ابنُ جرير في تفسيره (١٢٥/٢٨) ]•

•----------••----------•
 
أكـثـر فـساد ألاولاد مِن قِــبل الآبـاء

◉ قــال ابنُ الــقَــيِّمِ رحــمه الله :

《 أكثر الأولاد إنما جاء فسادُهم من قِبل الآباء ، وإهمالِهم لهم ، وترك تعليمهم فرائض الدين وسُننِه ، فأضاعوهم صغارا ، فلم ينتفعوا بأنفسهم ، ولم ينفعوا آبائهم كِبارا،
 
 كما عاتب بعضهم على العُقوق فقال : يا أبتِ إنك عققتني صغيرا ، فعققتك كبيرا ، وأضعتني وليدا ، فأضعتك شيخا 》
 
•[ تُــحْــفَــةُ الــمَــوْدود (٣٨٧) ]•

•----------••----------•
 
 من أســباب صــلاح الأولاد إختــيار الزوجــة الصالــحة


◉ قــال أبو ســفيان الحــميري :

《 تكلَّم عبدُاللهِ بن الزبير والزبيرُ يسمع ، فقال له : أيْ بُنيْ مازلت تكلم بكلام أبي بكر رضي,الله عنه حتى ظننت انَّ أبا بكرٍ قائمٌ،
 
 فانــظر إلــى مــن تــزوَّج ، فــإن المــرأة مِنْ أخــيها مِنْ أبــيها ،

◉ - وفـي لفــظ - قــال :
 
والله لكأنَّي سمعتُ كلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، : من أراد أن يتزوج امراة فلينظر إلى أبيها وأخيها فإنها تأتيه بأحدهما
 •[ رواه ابنُ أبي الدنيا في : (الإشراف في منازل الأشراف (٢٧٧)]•

•----------••----------•
 يتْبَـعُ إن شَــاء اللهُ تعالـى


مختصر فقه الأسماء الحسنى ( الكفيل ) ( الوكيل )

بسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

     الاســم
      ( الكفيل ) ( الوكيل )


◉ قال الله تعالى : ﴿ وﻻ تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً
◉ وقال تعالى : ﴿ فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

❒ [ والكفيل ]
 معناه : القائم بأمور الخلائق ، المتكفل بأقواتهم وأرزاقهم ، هذا ومن صدق مع الله بذلك ورضي به سبحانه كفيلاً أعانه على الوفاء ويّـسر له الأمر من حيث ﻻ يحتسب .

❒ [ والوكيل ]
 معناه : الكافي الكفيل ، وهو عام وخاص :

(1)- أما العام فيدل عليه
◉ قوله تعالى : ﴿ وهو على كل شيء ٍ وكيل
◉ وقوله تعالى : ﴿ والله على كل شيءٍ وكيل
 
 أي المتكفل بأرزاق جميع المخلوقات وأقواتها ، القائم بتدبير شؤون الكائنات وتصريف أمورها .

(2)- والخاص يدل عليه
◉ قوله تعالى : ﴿ وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً
◉ وقوله تعالى : ﴿ وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
 
 أي نعم الكافي لمن التجأ إليه ، والحافظ لمن أعتصم به ، وهو خاص بعباده المؤمنين به المتوكلين عليه
 
 والتوكل على الله وحده هو الأصل لجميع مقامات الدين ، ومنزلته منها كمنزلة الجسد من الرأس ، فكما ﻻ يقوم الرأس إلا على البدن ، فكذلك ﻻ يقوم الإيمان ومقاماته وأعماله إلا على ساق التوكل .

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم (٥٩)
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله


_________
 نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 
 ما فاتكم تجدونه في المدونة:
[مدونة مشروع الدين النصيحة]

مختصر فقه الأسماء الحسنى ( الحسيب ) ( الكافي )

بسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

     الاســم
     ( الحسيب ) ( الكافي )

 
 قال الله تعالى : ﴿ وكفى بالله حسيباً
 وقال الله تعالى : ﴿ أليس الله بكافٍ عبده ويخَـوّفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هادٍ

❒ [ والحسيب ]
 هو الكافي الذي كفى عباده جميع ما أهمهم من أمور دينهم ودنياهم
 المـيّـسـر لهم كل ما يحتاجونه
 الدافع عنهم كل مايكرهونه
 
 ومن معاني [ الحسيب ]
أنه الحفيظ على عباده كل ماعملوه أحصاه الله ونسوه ، وعلم تعالى ذلك و ميّز الله صالح العمل من فاسده ، وحسنه من قبيحه ، وعلم ما يستحقون من الجزاء ومقدار ما لهم من الثواب والعقاب
 
 [ والكافي ]
 الذي كفاية الخلق كل ما أهمهم بيده سبحانه ، وكفاية الخلق عامة وخاصة :
(1)- أما العامة : فقد كفى تعالى جميع المخلوقات وقام بإيجادها وإمدادها وإعدادها لكل ما خُـلِقت له وهيأ للعباد من جميع الأسباب ما يُـغنيهم ويُـقنيهم ويُـطعمهم ويسقيهم

(2)- وأما كفايته الخاصة : فكفايته للمتوكلين ، وقيامه بإصلاح أحوال عباده المتقين ، ﴿ ومن يتوكل على الله فهو حسبه ﴾ ، أي كافيه كل أموره الدينية والدنيوية
 
 وإذا توكل العبد على ربه حق التوكل بأن أعتمد بقلبه على ربه اعتماداً قوياً كاملاً في تحصيل مصالحه ودفع مضاره وقويت ثقته وحسن ظنه بربه ، حصلت له الكفاية التامة وأتم الله له أحواله وسدده في أقواله وأفعاله وكفاه همه وكشف غمه
 
 قال بعض السلف : جعل الله تعالى لكل عمل جزاءً من جنسه وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته لعبده
 فقال : ﴿ ومن يتوكل على الله فهو حسبه
ولم يقل : نؤته كذا وكذا من الأجر كما قال في الأعمال ، بل جعل نفسه سبحانه كافيَ عبده المتوكل عليه وحسبَه وواقيَه ، فلو توكل العبد على الله تعالى حق توكله وكادته السماوات والأرض ومن فيهن لجعل الله له مخرجاً من ذلك وكفاه ونصره
 
 وربط الكفاية بالتوكل من ربط الأسباب بمسبباتها ، فالله عز وجل كافي من يثق به ويحسن التوكل عليه ويحقق الإلتجاء إليه في نوائبه ومهماته ، وكلما كان العبد حسن الظن بالله ، عظيم الرجاء فيما عنده ، صادق التوكل عليه ، فإن الله ﻻ يخيب أمله فيه البتة .

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم (٥٧ - ٥٨)
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله


_________
  
 نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 
 ما فاتكم تجدونه في المدونة:
[مدونة مشروع الدين النصيحة]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -28-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (28)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -


 وله عن عقبة بن عامر مرفوعا: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له. ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له
وفي رواية: "من تعلق تميمة فقد أشرك"  .

عقبة بن عامر: هو عقبة بن عامر الجهني صحابي مشهور، وكان فقيها فاضلا ولي إمارة مصر لمعاوية ثلاث سنين، ومات قريبا من الستين.
وله: أي وروى الإمام أحمد.
تعلق تميمة: أي علقها عليه أو على غيره معتقدا بها. والتميمة خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين.
فلا أتم الله له: دعاء عليه بأن لا يتم الله أموره.
ودعة: الودعة شيء يخرج من البحر يشبه الصدف يتقون به العين.
فلا ودع الله له: أي لا جعله في دعة وسكون. أو لا خفف الله عنه ما يخافه.
وفي رواية: أي وروى الإمام أحمد من حديث آخر.

المعنى الإجمالي للحديثين:
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو على من استعمل التمائم يعتقد فيها دفع الضرر بأن يعكس الله قصده ولا يتم له أموره، كما أنه – صلى الله عليه وسلم- يدعو على من استعمل الودع لنفس القصد السابق أن لا يتركه الله في راحة واطمئنان، بل يحرك عليه كل مؤذ –وهذا الدعاء يقصد منه التحذير من الفعل- كما أنه يخبر –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الثاني أن هذا العمل شرك بالله.

مناسبة الحديثين للباب:
أن فيهما دلالة على تحريم تعليق التمائم والودع واعتباره شركا؛ لما يقوم بقلب المعلق لها من الاعتماد على غير الله.

ما يستفاد من الحديثين:

١- تعليق التمائم والودع من الشرك.
٢- أن من اعتمد على غير الله عامله الله بنقيض قصده.
٣- الدعاء على من علق التمائم والودع بما يفوت عليه مقصوده ويعكس عليه مراده.

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٧٤-٧٥ ]

مختصر فقه الأسماء الحسنى ( الرؤوف )

بسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

      الاســم
         ( الرؤوف )
 
 وقد ورد هذا الاسم في عشر آيات من القرآن الكريم و [الرأفة]
 كما قال ابن جرير رحمه الله : 【أعلى معاني الرحمة وهي عامة لجميع الخلق في الدنيا ، ولبعضهم في الآخرة】
وهم أوليائه المؤمنون وعباده المتقون
 
 هذا وإن القواعد المفيدة التي قرَّرها أهل العلم في باب فقه أسماء الله الحسنى أن ختم الآيات القرآنية بأسماء الله الحسنى يدل على أن الحكم المذكور فيها له تَـعلُّـق بذلك الاسم الكريم الذي خُـتِـمَـتْ به الآية
و تَـأَمُّـل ذلك من أعظم مايعين العبد على فقه أسماء الله الحسنى ، من ذلك :
 قول الله تعالى : ﴿ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد

وهذا يفيد أن الله سبحانه مع شدّة عقابه وعظيم نكاله ، فإنه رؤوف بالعباد ، ومن رأفته بهم أن خَـوَّف العباد وزجرهم عن الغي والفساد ليسلموا من مغبتها ، ولينجوا من عواقبها
 
 فهو جلّ وعلا رأفةً منه ورحمةً سهل لعباده الطرق التي ينالون بها الخيرات ورفيع الدرجات
 ورأفةً منه ورحمةً حذر عباده من الطرق التي تفضي بهم إلى المكروهات
 
 ومن ذلك قوله تعالى : ﴿ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان وﻻ تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم
 
 وهذا من رحمة الله ورأفته بعباده المؤمنين أن أوثق بينهم عقد الإيمان ورابطة الدين ووشاج التقوى ، وجعل اللاحق منهم محباً للسابق ، داعياً له بكل خير فما أسناها من عطية وما أجلّها من مــنّــه تفضّـل بها مولانا الرؤوف الرحيم .

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم (٥٥ - ٥٦)
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله

  
_________
 
 نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 
 ما فاتكم تجدونه في المدونة:
[مدونة مشروع الدين النصيحة]

مختصر فقه الأسماء الحسنى (الودود )

 بسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ

         الاســم
           (الودود )

 
 وقد ورد في القرآن مرتين
الأولى :
◉ في قوله تعالى : ﴿ واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود﴾

والثانية :
 في قوله تعالى : ﴿ إنه هو يبدئ ويعيد () وهو الغفور الودود ﴾

❒ ومعناه :
 أي الذي يحب أنبياءه ورسله وأتباعهم ويحبونه ، فهو أحب إليهم من كل شيء ، قد إمتلأت قلوبهم محبةً له
 
 قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله في تقرير عظيم له في بيان معنى هذا الاسم ودﻻﻻته :
【الودود أي المتودد إلى خلقه بنعوته الجميلة وآﻻئه الواسعة ، وألطافه الخفية ونعمه الخفية والجلية
فهو الودود بمعنى الواد وبمعنى المودود
يحب أوليائه وأصفيائه ويحبونه ، فهو الذي أحبهم وجعل في قلوبهم المحبة فلما أحبوه أحبهم حباً آخر جزاءً لهم على حبهم ، فالفضل كله راجع إليه
فهو الذي وضع كل سبب يتوددهم به ويجلب ويجذب قلوبهم إلى وده ، تودد إليهم بذكر ما له من النعوت الواسعة العظيمة الجميلة الجاذبة للقلوب السليمة والأفئدة المستقيمة
فإن القلوب والأرواح الصحيحة مجبولة على محبة الكمال】اهـ

وإذا عرف العبد بأن ربه سبحانه ودود
▫️ يحب أوليائه
▫️ ويحب من أطاعه
▫️ يحب المؤمنين المتقين
▫️ ويحب الصابرين المتوكلين
▫️ ويحب التوابين المتطهرين
▫️ ويحب الصادقين المحسنين
▫️ ويحب جميع الطائعين

▪️ وﻻ يحب الظالمين الكافرين
▪️ وﻻ يحب الخائنين المسرفين
▪️ وﻻ يحب المختالين المستكبرين

فإنه يجب عليه أن يطيع أمره ويفعل مايحبه ويرضاه من سديد الأقوال وصالح الأعمال ، وأن يتقرب إليه سبحانه بامتثال أمره واجتناب نهيه ، وحب مايحبه من الأقوال والأعمال ، وحب كلامه سبحانه ، وحب رسوله وسنته والاجتهاد في متابعته
 
 فبذلك تنال محبة الله
 قال تعالى : ﴿ قُلْ إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم
 
 وفي الدعاء المأثور عن النبي ﷺ【أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك】رواه الإمام أحمد والترمذي .

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم (٥٢ - ٥٣)
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله


_________
 نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 
 ما فاتكم تجدونه في المدونة:
[مدونة مشروع الدين النصيحة]

مختصر فقه الأسماء الحسنى (القدير ) ( القادر ) ( المقتدر )

 بسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيمِ   

   الاســم
  (القدير ) ( القادر ) ( المقتدر )
 
 وجميع هذه الاسماء وردت في القرآن الكريم وأكثرها وروداً [ القدير ] ، ثم [ القادر ] ، ثم [ المقتدر ]
 قال تعالى : ﴿ والله على كل شيءٍ قدير
 وقال تعالى : ﴿ قُلْ هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض
 وقال تعالى : ﴿ وكان الله على كل شيءٍ مقتدراً
 
 وجميعها تدل على ثبوت القدرة صفةً لله وأنه سبحانه كامل القدرة
 فبقدرته أوجد الموجودات
 وبقدرته دبّـرها
 وبقدرته سـوّاها وأحكمها
 وبقدرته يحيي ويميت ويبعث العباد للجزاء ويجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، الذي إذا أراد شيئاً قال له : كن فيكون
 وبقدرته يقلب القلوب ويصرفها على ما يشاء ويريد ، ويهدي من يشاء ويضل من يشاء ، ويجعل المؤمن مؤمناً والكافر كافراً ، والبر برًا والفاجر فاجرًا .
 
 ومن أصول الإيمان العظيمة الإيمان بالقدر
 قال الله تعالى : ﴿ إنا كل شيءٍ خلقناه بقدر
 وقال تعالى : ﴿ وخلق كل شيء فقدره تقديراً
 
 ومن ﻻ يؤمن بالقدر ﻻ يؤمن بالله عز وجل
 قال الإمام أحمد رحمه الله :【القدر قدرة الله】
 
 فإنكار القدر إنكار لقدرة الله عزوجل ، وجحد صفاته سبحانه أو شيءٍ منها يتنافى مع الإيمان به سبحانه وتوحيده .
 قال ابن عباس رضي الله عنهما :【القدر نظام التوحيد فمن وحّـد الله عزوجل وآمن بالقدر فهي العروة الوثقى التي ﻻ انفصام لها ، ومن وحّـد الله تعالى وكذب القدر نقض التوحيد】
 
 هذا وإن للإيمان بقدرة الله عزوجل التي دل عليها أسماؤه { القدير ، القادر ، المقتدر } آثار عظيمة وثمار مباركة تعود على العبد في دنياه وأخراه
كيف ﻻ والإيمان به قطب رحا التوحيد ونظامه ومبدأ الإيمان وتمامه ، وأصل الدين وقوامه ، فهو أحد أركان الإيمان وقاعدة أساس الإحسان .

المصـــــــدر :
 مختصر فقه الأسماء الحسنى صفحة رقم (٥٠ - ٥١)
للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله


_________
 نَكْتفِي بهذا القَدْرِ وَنُكْمِلُ في العَدَدِ القادِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
          ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ 
 ما فاتكم تجدونه في المدونة:
[مدونة مشروع الدين النصيحة]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -27-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (27)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -


عن عمران بن حصين: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا في يده حلقة من صفر، فقال: "ما هذه؟ " قال: من الواهنة. فقال: "انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا"
 رواه أحمد بسند لا بأس به.

عمران: هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي، صحابي ابن صحابي، أسلم عام خيبر ومات سنة ٥٢هـ بالبصرة.
ما هذه؟ استفهام إنكار.
الواهنة: نوع من المرض يصيب اليد.
انزعها: اطرحها والنزع هو الجذب بقوة.
وهنا: ضعفا.
ما أفلحت: الفلاح هو الفوز والظفر والسعادة.

المعنى الإجمالي للحديث:
يذكر لنا عمران بن حصين رضي الله عنهما موقفا من مواقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في محاربة الشرك وتخليص الناس منه، ذلك الموقف:
أنه أبصر رجلا لابسا حلقة مصنوعة من الصفر، فسأله عن الحامل له على لبسها؟ فأجاب الرجل أنه لبسها لتعصمه من الألم، فأمر بالمبادرة بطرحها، وأخبره أنها لا تنفعه بل تضره، وأنها تزيد الداء الذي لبست من أجله، وأعظم من ذلك لو استمرت عليه إلى الوفاة حرم الفلاح في الآخرة أيضا.

مناسبة الحديث للباب:

أنه يدل على المنع من لبس الحلقة لدفع البلاء؛ لأن ذلك من الشرك المنافي للفلاح.

ما يستفاد من الحديث:
١- أن لبس الحلقة وغيرها للاعتصام بها من الأمراض من الشرك.
٢- النهي عن التداوي بالحرام.
٣- إنكار المنكر وتعليم الجاهل.
٤- ضرر الشرك في الدنيا والآخرة.
٥- استفصال المفتي واعتبار المقاصد.
٦- أن الشرك الأصغر أكبر الكبائر.
٧- أن الشرك لا يعذر فيه بالجهل.
٨- التغليظ في الإنكار على من فعل شيئا من الشرك؛ لأجل التنفير منه.

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٧٢-٧٣ ]

سلسلة "مسائل عقدية للصغار"

































المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -26-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (26)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -


|[ باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه ]|

وقول الله تعالى: {قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون} [الزمر: ٣٨] .

مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد:
أنه يتضمن ذكر شيء مما يضاد التوحيد، وهو التماس رفع الضر أو دفعه من غير الله للتحذير منه، فإن التوحيد يعرف بضده.
من الشرك: من تبعيضية: أي من الشرك الأكبر إن اعتقد أن هذه الأشياء تنفع أو تضر بذاتها، أو من الشرك الأصغر إن اعتقد أنها سبب للنفع والضر.
الحلقة: كل شيء مستدير.
ونحوهما: من كل ما يلبس أو يعلق لهذا الغرض.
رفع البلاء: إزالته بعد نزوله.
ودفعه: منعه قبل نزوله.
أفرأيتم: أخبروني.
ما تدعون: تسألونه جلب الخير ودفع الضر.
من دون الله: غيره من الأنداد والآلهة.
 بضر: بمرض أو فقر أو بلاء أو شدة.
هل هن كاشفات ضره: أي لا تقدر على ذلك.
برحمة: أي: بصحة وعافية وخير وكشف بلاء.
حسبي الله: أي الله كافيني وكافي من توكل عليه.

المعنى الإجمالي للآية:
يأمر الله نبيه محمدا – صلى الله عليه وسلم- أن يسأل المشركين سؤال إنكار عن أصنامهم التي يعبدونها مع الله هل تقدر على النفع والضر؟ فلا بد أن يعترفوا بعجزها عن ذلك، فإذا كان كذلك بطلت عبادتها من دون الله.

مناسبة الآية للباب:
أن فيها دليلا على بطلان الشرك. ولبس الحلقة والخيط من ذلك، لا يكشف الضر ولا يمنع منه.

ما يستفاد من الآية:
١- بطلان الشرك لأن كل ما يعبد من دون الله، لا يملك ضرا ولا نفعا لعابده.
٢- التحذير من لبس الحلقة والخيط وغيرها لجلب النفع أو دفع الضر، لأنه شرك من جنس ما يراد من الأصنام.
٣- مشروعية مناظرة المشركين لإبطال الشرك.
٤- وجوب الاعتماد على الله وحده وتفويض الأمور كلها إليه.

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٧٠-٧١ ]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -25-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (25)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

 
  وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل" (١) وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب.

في الصحيح: أي صحيح مسلم.
حرم ماله ودمه: أي منع أخذ ماله وقتله بناء على ما ظهر منه.
وحسابه على الله: أي الله تعالى هو الذي يتولى حساب من تلفظ بهذه الكلمة، فيجازيه على حسب نيته واعتقاده.
الترجمة: ترجمة الكتاب والباب فاتحته. والمراد بها هنا قوله: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله.
 
 المعنى الإجمالي للحديث:
يبين -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أنه لا يحرم قتل الإنسان وأخذ ماله إلا بمجموع أمرين:
الأول: قول لا إله إلا الله.
الثاني: الكفر بما يعبد من دون الله. فإذا وجد هذان الأمران وجب الكف عنه ظاهرا وتفويض باطنه إلى الله، فإن كان صادقا في قلبه جازاه بجنات النعيم، وإن كان منافقا عذبه العذاب الأليم، وأما في الدنيا فالحكم على الظاهر.
 
 مناسبة الحديث للباب:
أنه من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله:
وأنه الكفر بما يعبد من دون الله.
 
 ما يستفاد من الحديث:
١- أن معنى: لا إله إلا الله هو الكفر بما يعبد من دون الله من الأصنام والقبور وغيرها.
٢- أن مجرد التلفظ بلا إله إلا الله مع عدم الكفر بما يعبد من دون الله لا يحرم الدم والمال ولو عرف معناها وعمل به. ما لم يضف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله.
٣- أن من أتى بالتوحيد والتزم شرائعه ظاهرا وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك.
٤- وجوب الكف عن الكافر إذا دخل شرائعه ظاهرا وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك.
٥- أن الإنسان قد يقول: لا إله إلا الله ولا يكفر بما يعبد من دونه.
٦- أن الحكم في الدنيا على الظاهر، وأما في الآخرة فعلى النيات والمقاصد.
٧- حرمة مال المسلم ودمه إلا بحق.

ومعنى قول المصنف: "وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب": أن ما يأتي بعد هذا الباب من الأبواب في ما يبين التوحيد ويوضح معنى "لا إله إلا الله" وبيان أشياء كثيرة من الشرك الأصغر والأكبر وما يوصل إلى ذلك من الغلو والبدع مما يجب تركه من مضمون لا إله إلا الله.

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٦٨-٦٩ ]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -24-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (24) 


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

 
 وقوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب} [البقرة: ١٦٥] .

من الناس: فريق من الناس.
من دون الله: أي غير الله.
أندادا: أي أمثالا ونظراء.
يحبونهم: المحبة إرادة ما تراه أو تظنه خيرا والرغبة فيه.
كحب الله: أي يسوونهم به في المحبة المقتضية للذل للمحبوب والخضوع له.
ولو يرى: لو يعلم.
إذ يرون العذاب: وقت ما يعاينونه.
أن القوة لله: لأن القدرة والغلبة له وحده.
 
 المعنى الإجمالي للآية:
ذكر الله سبحانه وتعالى حال المشركين به في الدنيا ومآلهم في الآخرة حيث جعلوا لله أمثالا ونظراء ساووهم به المحبة، ثم ذكر حال المؤمنين الموحدين أنهم يحبون الله حبا يفوق حب أصحاب الأنداد لأندادهم أو يفوق حب أصحاب الأنداد لله، لأن حب المؤمنين لله خالص، وحب أصحاب الأنداد لله مشترك، ثم توعد هؤلاء المشركين به بأنهم لو علموا ما يعاينون يوم القيامة وما يحل بهم من الأمر الفظيع والعذاب الشديد على شركهم وتفرد الله سبحانه بالقدرة والغلبة دون أندادهم لانتهوا عما هم فيه من الضلال، لكنهم لم يتصوروا ذلك ويؤمنوا به.
 
 مناسبة الآية للباب:
أنها من النصوص المبينة لتفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله. حيث دلت على أن من اتخذ ندا مع الله يحبه كمحبة الله فقد أشرك، فعلم أن معنى التوحيد أن يفرد الرب بهذه المحبة التي تستلزم إخلاص العبادة له وحده والذل والخضوع له وحده.
 
 ما يستفاد من الآية:
١- أن من معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله إفراد الله تعالى بالمحبة المقتضية للذل والخضوع.
٢- أن المشركين يحبون الله حبا عظيما ولم يدخلهم ذلك في الإسلام، لأنهم أشركوا معه غيره فيها.
٣- أن الشرك ظلم.
٤- الوعيد للمشركين يوم القيامة.


══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٦٦-٦٧ ]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -23-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (23)

    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -


 وقوله تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} [التوبة: ٣١] .

اتخذوا: أي جعل اليهود النصارى.
أحبارهم: أي علماءهم.
ورهبانهم: أي عبادهم.
أربابا: أي مشرعين لهم يحللون ويحرمون؛ لأن التشريع من خصائص الرب فمن أطاع مخلوقا فيه فقد اتخذه ربا.
والمسيح ابن مريم: أي واتخذوا عيسى عليه السلام ربا بعبادتهم له.
سبحانه عما يشركون: أي تنزه الله تعالى وتقدس عن الشركاء والنظراء.

المعنى الإجمالي للآية:

يخبر الله سبحانه عن اليهود والنصارى(¹) أنهم استنصحوا الرجال من العلماء والعباد فأطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحله، فنزلوهم بذلك منزلة الرب الذي من خصائصه التحليل والتحريم، كما عبد النصارى عيسى وزعموا أنه ابن الله، فنبذوا كتاب الله الذي أمرهم فيه بطاعته وحده وعبادته وحده –وهذا إخبار منه سبحانه يتضمن إنكار ما فعلوه- ولذلك نزه نفسه عما يتضمنه هذا الفعل من الشرك به.

مناسبة الآية للباب:
أنها دلت على أن من معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله إفراد الله بالطاعة في تحليل ما أحل وتحريم ما حرم، وأن من اتخذ شخصا من دون الله يحلل ما أحل ويحرم ما حرم فهو مشرك.

ما يستفاد من الآية:
١- أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله طاعة الله في التحليل والتحريم.
٢- أن من أطاع مخلوقا في تحليل الحرام وتحريم الحلال فقد اتخذه شريكا لله.
٣- الرد على النصارى في اعتقادهم في المسيح عليه السلام وبيان أنه عبد الله.
٤- تنزيه الله عن الشرك.
____________________
(¹) فقد فسر هذه الآية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعدي بن حاتم عندما دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم فسمعه يقرأ هذه الآية، فقال عدي: إنهم لم يعبدوهم؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وحللوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم".
أخرجه الترمذي برقم (٣٠٩٤) وهو حديث حسن.
وابن أبي شيبة في مصنفه (٧/١٦٧ رقم ٣٤٩٢٥) .

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٦٤-٦٥ ]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -22-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (22)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

 وقوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزخرف: ٢٦، ٢٧] .

براءٌ مما تعبدون: أي بريءٌ من جميع معبوداتكم.
إلا الذي فطرني: أي خلقني وهو الله فهو معبودي وحده.

المعنى الإجمالي للآية:
أنه يخبر سبحانه عن عبده ورسوله وخليله أنه تبرَّأ من كل ما يعبد أبوه وقومه، ولم يستثن إلا الذي خلقه وهو الله، فهو يعبده وحده لا شريك له.

مناسبة الآية للباب:
أنها دلَّت على أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله هو البراءة من الشرك وإفراد الله بالعبادة. فإن لا إله إلا الله تشتمل على النفي الذي عبَّر عنه الخليل بقوله: {إِنَّنِي بَرَاء} ، والإثبات الذي عبَّر عنه بقوله: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} .

ما يستفاد من الآية:
١- أن معنى لا إله إلا الله توحيدُ الله بإخلاص العبادة له والبراءة من عبادة كل ما سواه.
٢- إظهار البراءة من دين المشركين.
٣- مشروعية التبري من أعداء الله ولو كانوا أقرب الناس.

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٦٣ ]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -21-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (21)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -


|[ باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله ]|

وقول الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: ٥٧] .

مناسبة الباب لكتاب التوحيد: لما ذكر المصنف رحمه الله في الأبواب السابقة التوحيد وفضائله والدعوة إليه والخوف من ضده الذي هو الشرك، بين رحمه الله في هذا الباب معناه؛ لأن بعض الناس يخطئ في فهم معناه فيظن أن معناه الإقرار بتوحيد الربوبية فقط، وهذا ليس هو المراد بالتوحيد وإنما المراد به ما دلت عليه النصوص التي ساق المصنف رحمه الله طرفاً منها في هذا الباب من أنه إفراد الله بالعبادة والخلوص من الشرك.
وعطَف شهادة أن لا إله إلا الله على التوحيد ليبين أن معناهما واحدٌ لا اختلاف فيه.

يدعون: أي يدعونهم من دون الله وهم الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم فالضمير الفاعل يدْعون راجعٌ إلى الكفار.
يبتغون: أي يطلبون والضمير الفاعل فيه راجعٌ إلى المدعوين من الملائكة ونحوهم.
الوسيلة: ما يتقرب به إلى الله، فمعنى توسل إلى الله عمل عملاً يقربه إليه.
ويرجون رحمته: أي لا يرجون أحداً سواه.
ويخافون عذابه: أي: لا يخافون أحداً سواه.

المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه وتعالى يخبر أن هؤلاء الذين يدعوهم المشركون من دون الله من الملائكة والأنبياء والصالحين يبادرون إلى طلب القربة إلى الله فيرجون رحمته ويخافون عذابه، فإذا كانوا كذلك كانوا جملة من العبيد فكيف يُدعون مع الله تعالى، وهم مشغولون بأنفسهم يدعون الله ويتوسلون إليه بعبادته.

مناسبة الآية للباب: أنها تدل على أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله هو ترك ما عليه المشركون من دعوة الصالحين والاستشفاع بهم إلى الله في كشف الضر أو تحويله؛ لأن ذلك هو الشرك الأكبر.

ما يستفاد من الآية:
١- الرد على الذين يدعون الأولياء والصالحين في كشف الضر أو جلب النفع بأن هؤلاء المدعوين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاًَ فكيف يملكون ذلك لغيرهم.
٢- بيان شدة خوف الأنبياء والصالحين من الله وبيان رجائهم لرحمته.


══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٦١-٦٢ ]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -20-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (20)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

 
 ولهما عن سهل بن سعد -رضي الله عنه: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب اللهَ ورسولَه ويحبه اللهُ ورسولُه، يفتح الله على يديه"، فبات الناس يدُوكُون ليلتهم أيهم يُعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلُّهم يرجو أن يعطاها. فقال: "أين علي بن أبي طالب؟ " فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه فأُتي به فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية وقال: "انفُذ على رِسْلِك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعم"  .

يدوكون أي: يخوضون.
سهل بن سعد: هو سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي صحابي شهير مات سنة 88هـ، وقد جاوز المائة.
ولهما: أي البخاري ومسلم في صحيحيهما.
يوم خيبر: أي يوم حصار خيبر سنة 7هـ.
الراية: علم الجيش الذي يرجعون إليه عند الكر والفر.
يفتح الله على يديه: إخبارٌ على وجه البشارة بحصول الفتح. 
 ليلتَهم: منصوب على الظرفية.
أيُّهم: برفع (أي) على البناء لإضافتها وحذف صدرِ صلتها.
علي بن أبي طالب: هو ابن عم رسول الله –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وزوج ابنته فاطمة والخليفة الرابع من أسبق السابقين إلى الإسلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم أجمعين قُتِل سنة 40هـ.
يشتكي عينيه: أي تؤلمانه من الرمد.
فبَرَأ: بفتح الباء على وزن ضَرَبَ، ويجوز كسرها على وزن علِم، أي عوفي عافية كاملة.
أعطاه الراية: دفعها إليه.
انفُذْ: أي امض لوجهِك.
على رسْلِك: على رِفْقِك من غير عجَلة.
بساحتهم: بفناء أرضهم وما قرُب من حصونهم.
إلى الإسلام: وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله.
وأخبرهم ... إلخ: أي أنهم إن أجابوك إلى الإسلام الذي هو التوحيد، فأخبرهم بما يجب عليهم بعد ذلك من حق الله في الإسلام من الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك.
لأن يهدي الله: في تأويل مصدر مبتدأ خبرُه (خير) .
حمُر النَّعم: أي الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب.
 
المعنى الإجمالي للحديث:
أن النبي –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشّر الصحابة بانتصار المسلمين على اليهود من الغد على يد رجل له فضيلةٌ عظيمة وموالاة لله ولرسوله فاستشرف الصحابة لذلك، كلٌّ يود أن يكون هو ذلك الرجل من حرصهم على الخير، فلما ذهبوا على الموعد طلب النبي –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علياً وصادف أنه لم يحضر لِما أصابه من مرض عينيه، ثم حضر فتفل النبي –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيهما من ريقه المبارك فزال ما يحس به من الألم زوالاً كاملاً وسلَّمه قيادة الجيش، وأمره بالمضي على وجهه برفق حتى يقرب من حصن العدو فيطلب منهم الدخول في الإسلام، فإن أجابوا أخبرهم بما يجب على المسلم من فرائض، ثم بين –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعلي فضل الدعوة إلى الله وأن الداعية إذا حصل على يديه هداية رجل واحد فذلك خير له من أنفس الأموال الدنيوية، فكيف إذا حصل على يديه هداية أكثر من ذلك.
 
مناسبة الحديث للباب:
أن فيه مشروعية الدعوة إلى الإسلام الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وبيان فضل الدعوة إلى ذلك.
 
ما يستفاد من الحديث:
1- فضيلةٌ ظاهرة لعلي بن أبي طالب –رضي الله عنه-، وشهادةٌ من الرسول –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له بموالاته لله ولرسوله وإيمانه ظاهراً وباطناً.
2- إثبات أن الله يحب أولياءه محبة تليق بجلاله كسائر صفاته المقدسة الكريمة.
3- حرص الصحابة على الخير وتسابقهم إلى الأعمال الصالحة رضي الله عنهم.
4- مشروعية الأدب عند القتال وترك الطيش والأصوات المزعجة التي لا حاجة إليها.
5- أمر الإمام عماله بالرفق واللين من غير ضعف ولا انتقاص عزيمة.
6- وجوب الدعوة إلى الإسلام لا سيما قبل قتال الكفار.
7- أن من امتنع من قبول الدعوة من الكفار وجب قتاله.
8- أن الدعوة تكون بالتدريج فيطلب من الكافر أولاً الدخول في الإسلام بالنطق بالشهادتين، ثم يُؤمر بفرائض الإسلام بعد ذلك.
9- فضل الدعوة إلى الإسلام وما فيها من الخير للمدعو والداعي، فالمدعو قد يهتدي والداعي يُثاب ثواباً عظيماً، والله أعلم.
10- دليلٌ من أدلة نبوة الرسول –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذلك ببشارته بالفتح قبل وقوعه وبراءة الألم بريقه.
11- الإيمان بالقضاء والقدر، لحصول الراية لمن لم يسْع إليها ومنْعها ممن سعى إليها.
12- أنه لا يكفي التسمي بالإسلام بل لا بد من معرفة واجباته والقيام بها.

══════ ❁✿❁ ══════  
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٥٧-٥٨-٥٩-٦٠ ]

المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد -19-

|[ المُـــلخّص فِي شَـرحِ كِتَــابِ التَّـوحِيد ]|
العَــــدَد رَقَـــم (19)


    الشَـــيخ العَـــلّامَة /
صَـالِح بِن فَـوْزَان الفَــوْزَان
     - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

 
عن ابن عباس: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: "إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله" وفي رواية: "إلى أن يوحدوا الله.
فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.
فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم.
فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب"
 أخرجاه .

بعث معاذاً: وجَّهه وأرسله.
إلى اليمن: إلى الإقليم المعروف جنوب الجزيرة العربية داعياً إلى الله ووالياً وقاضياً وذلك في سنة عشرٍ من الهجرة.
أهل الكتاب: هم اليهود والنصارى لأنهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب أو أغلب.
شهادة: يجوز فيها الرفع على أنه اسم يكن مؤخَّراً وأول خبرها مقدمٌ ويجوز العكس.
وفي رواية: أي في رواية أخرى في صحيح البخاري.
أطاعوك لذلك: أي شهدوا وانقادوا لدعوتك وكفروا بما يُعبد من دون الله.
افترض عليهم: أوجب عليهم.
أطاعوك لذلك: آمنوا بفرضيَّتها وأقاموها.
إياك: كلمة تحذير.
وكرائم: منصوبٌ على التحذير جمع كريمة، وهي خيار المال ونفائسه.
اتق دعوة المظلوم: احذرها واجعل بينك وبينها وقاية بفعل العدل وترك الظلم.
فإنه: أي الحال والشأن.
ليس بينها وبين الله حجاب: أي لا تحجب عن الله بل ترفع إليه فيقبلها.
أخرجاه: أي أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.
 
المعنى الإجمالي للحديث:
أن النبي –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما وجه معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى إقليم اليمن داعياً إلى الله ومعلماً رسم له الخطة التي يسير عليها في دعوته، فبين له أنه سيواجه قوماً أهل علم وجدَل من اليهود والنصارى، ليكون على أهبةٍ لمناظرتهم ورد شبههم، ثم ليبدأ في دعوته بالأهم فالأهم فيدعو الناس إلى إصلاح العقيدة أولاً لأنها الأساس، فإذا انقادوا لذلك أمرهم بإقام الصلاة لأنها أعظم الواجبات بعد التوحيد، فإذا أقاموها أمر أغنياءهم بدفع زكاة أموالهم إلى فقرائهم مواساة لهم وشكراً لله، ثم حذّره من أخذ جيد المال لأن الواجب الوسط، ثم حثّه على العدل وترك الظلم لئلا يدعو عليه المظلوم ودعوتُه  مستجابة.
 
مناسبة الحديث للباب: أن أول ما يُدعى إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وفيه إرسال الدعاة لذلك.
 
ما يستفاد من الحديث:
1- مشروعية إرسال الدعاة إلى الله.
2- أن شهادة أن لا إله إلا الله أول واجب وهي أول ما يدعى إليه الناس.
3- أن معنى شهادة أن لا إله إلا الله توحيدُ الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه.
4- أنه لا يحكم بإسلام الكافر إلا بالنطق بالشهادتين.
5- أن الإنسان قد يكون قارئاً وهو لا يعرف معنى لا إله إلا الله، أو يعرفه ولا يعمل به كحال أهل الكتاب.
6- أن مخاطبة العالم ليست كمخاطبة الجاهل: "إنك تأتي قوماً أهل كتاب".
7- التنبيه على أنه ينبغي للإنسان خصوصاً الداعية أن يكون على بصيرة من دينه، ليتخلص من شبهات المشبِّهين وذلك بطلب العلم.
8- أن الصلاة أعظم الواجبات بعد الشهادتين.
9- أن الزكاة أوجب الأركان بعد الصلاة.
10- بيان مصرفٍ من مصارف الزكاة وهم الفقراء وجواز الاقتصار عليه.
11- أنه لا يجوز أخذ الزكاة من جيد المال إلا برضا صاحبه.
12- التحذير من الظلم، وأن دعوة المظلوم مستجابة ولو كان عاصياً.

══════ ❁✿❁ ══════ 
  الــمَصْــــــــــدَر
[ المُــلخّص في شَــرح كِتَابِ التّــوحِيد صـ٥٤-٥٥-٥٦ ]