احدث المواضيع

مقالات

العدد 18 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ

📌 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ     
     لمعالي شيخنا العﻻمة الدكتور /
صَالِح بنُ فَوزان الفَوزَان -حَـفظهُ الله-
      ▫العَــــ18ـــدَدُ▫

✍ قال اﻹمام المجدد : محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغفر له :

[ الأُولَى : أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلًا ، بل أرسل إلينا رسولًا ، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّة َ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النار ] .

ــــــــــــــــــــــــــ

✍ قال شيخنا غفر الله له وأحسن إليه :

📌لما كانت العبادة لا يجوز أن نأخذها من استحساننا ، أو تقليد فلان وعلان من الناس ، أرسل الله إلينا رسلًا تبين لنا كيف نعبده ، لأن العبادات توقيفية ، لا يجوز أن يعبد الله بشيء إلا بما شرعه .

↢ فالعبادات توقيفية على ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام

فالحكمة من إرسال الرسل ، أن يبينوا للناس كيف يعبدون ربهم ، وينهونهم عن الشرك والكفر بالله عز وجل .
هذه مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام ،

⇦ ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام :« من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد » .

🔻فالعبادة توقيفية ، والبدع مردودة ، والخرافات مردودة ، والتقليد الأعمى مرفوض ، لا تؤخذ العبادات إلا من الشريعة التي جاء بها الرسول ﷺ .

▪قوله :[ بل أرسل إلينا رسولًا ]

هو محمد ﷺ ، خاتم النبيين ، أرسله ليبين لنا لماذا خلقنا ؟
ويبين لنا كيف نعبد الله  عز وجل ، وينهانا عن الشرك والكفر والمعاصي ، هذه مهمة الرسول ﷺ ، وقد بلَّغ البلاغ المبين ، وأدّى الأمانة ، ونصح الأمة عليه الصلاة والسلام ، وبيّن ووضّح ، وتركنا على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ،
❍ وهذا كما في قوله تعالى :

﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ .

▪قوله :[ من أطاعه ] أي : فيما أمر به ، دخل الجنة .
▪وقوله :[ ومن عصاه ] أي : فيما نهى عنه ، دخل النار .

↫ وهذا مصداقه كثير في القرآن ،
قال تعالى :﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾  وقال تعالى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
وقال سبحانه :﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾
وقال تعالى :﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ .

⬅ فمن أطاعه اهتدى ودخل الجنة ، ومن عصاه ضل ودخل النار ،
قال ﷺ :« كلكم يدخل الجنة إلا من أبى » قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟
قال :« من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» .
فقوله ﷺ : أبى ، أي : أبى أن يدخل الجنة .
وقال ﷺ :« لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا دخل النار » .

⬅ فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النار ، وهذا هو الفارق بين المؤمن والكافر .
-------------------------------------
صفحة :[ ٤٥ - ٤٨ ] .

   ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ

✍ يتبع إن شــاء الله تعالــى

العدد 17 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ

📌 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ     
     لمعالي شيخنا العﻻمة الدكتور /
صَالِح بنُ فَوزان الفَوزَان -حَـفظهُ الله-
      ▫العَــــ17ـــدَدُ▫

قال اﻹمام المجدد : محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغفر له :
[ الأُولَى : أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلًا ] .
ــــــــــــــــــــــــــ

قال شيخنا غفر الله له وأحسن إليه :

▪قوله:[ الأولى : أن الله خلقنا ]
أي: أوجدنا من العدم ، فنحن من قبل أن يخلقنا لم نكن شيئًا ، كما قال تعالى :﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾
وقال سبحانه :﴿ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴾
كان الإنسان قبل أن يخلق ليس بشيء ، والذي أوجده وخلقه هو الله عز وجل ، قال تعالى :﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾ .

▪قوله :[ ورزقنا ] لما كنا نحتاج إلى الرزق إلى الطعام والشراب والملابس والمساكن والمراكب والمصالح ، علم سبحانه حاجتنا ، فسخر لنا ما في السماوات والأرض ، كله لمصالحنا ، من أجل بقائنا على قيد الحياة ، ومن أجل أن نستعين بذلك على ما خلقنا لأجله ، وهو عبادة الله سبحانه وتعالى .

▪قوله :[ ولم يتركنا هملا ] الهمل : هو الشيء المهمل المتروك الذي لا يُعبأ به ، فالله خلقنا ورزقنا لحكمة ، ما خلقنا عبثا ولا سدى قال تعالى :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾
وقال سبحانه :﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ○ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ○ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ﴾
وقال :﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ .

⇦ الله إنما خلقنا وخلق لنا هذه الأرزاق والإمكانيات ، لحكمة عظيمة ، وغاية جليلة ، وهي أن نعبده سبحانه وتعالى ،
⇦ ولم يخلقنا كالبهائم التي خلقت لمصالح العباد ثم تموت وتذهب ، لأنها ليست مكلفة ولا مأمورة ولا منهية ، إنما خلقنا لعبادته كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ○ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُون ○ِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ ولم يخلقنا لهذه الحياة الدنيا فقط نعيش فيها ، ونسرح ونمرح ونأكل ونشرب ونتوسع فيها ، وليس بعدها شيء ، وإنما الحياة مزرعة وسوق للدار الآخرة ، نتزود فيها بالأعمال الصالحة ، ثم نموت وننتقل منها ، ثم نبعث ، ثم نحاسب ونجازى بأعمالنا .
⬅ هذه هي الغاية من خلق الجن والإنس ، والدليل على ذلك آيات كثيرة تدل على البعث والنشور والجزاء والحساب ،
والعقل يدل على هذا ، فإنه لا يليق بحكمة الله سبحانه وتعالى ، أن يخلق هذا الخلق العجيب ، وأن يسخر هذا الكون لبني آدم ، ثم يتركهم يموتون ويذهبون بدون نتيجة ، هذا عبث ، فلا بد أن تظهر نتائج هذه الأعمال في الدار الآخرة .
↫ ولهذا قد يكون من الناس من يفني عمره في عبادة الله وفي طاعته ، وهو في فقر وفي حاجة ، وقد يكون مظلومًا مضغوطًا عليه ومضيقًا عليه ، ولا ينال شيئًا من جزاء عمله في هذه الدنيا ، وعلى العكس يكون من الناس ، كافر ملحد شرير ، يسرح ويمرح في هذه الحياة ، ويتنعم ويعطى ما يشتهي ، ويرتكب ما حرم الله ، ويظلم العباد ويعتدي عليهم ، ويأكل أموالهم ، ويقتل بغير حق ، ويتسلط ويتجبر ، ثم يموت على حاله ،  ما أصابه شيء من العقوبة ،  هل يليق بعدل الله سبحانه وتعالى
وحكمته ، أن يترك هذا المطيع بدون جزاء ، وأن يترك هذا الكافر بدون مجازاة ، هذا لا يليق بعدله سبحانه وتعالى .
● ولذلك جعل دارًا أخرى ، يجازى فيها المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، فتظهر فيها ثمرات الأعمال .
فالدنيا دار عمل ، وأما الآخرة فهي دار جزاء ، إما جنة وإما نار ،
⬅ ولم يتركنا هملًا كما يظن الملاحدة والدهريون ، قال تعالى :﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ هذه مقالة الملاحدة الذين لا يؤمنون بالبعث والنشور .
وقد أنكر الله عز وجل عليهم فقال :
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِين ○َ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ وقال تعالى :﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾
وقال تعالى :﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ فهذا لا يمكن ولا يكون أبدًا .
   ـــــــ
✍ يتبع إن شــاء الله تعالــى

العدد 16 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ

📌 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ     
     لمعالي شيخنا العﻻمة الدكتور /
صَالِح بنُ فَوزان الفَوزَان -حَـفظهُ الله-
      ▫العَــــ16ـــدَدُ▫

        [   الرسالة الثانية   ]
ثلاث مسائل يجب على
           المسلم تعلمها والعمل بها

⬅ قال اﻹمام المجدد : محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغفر له :
[ اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّه يَجِبُ عَلَى كُلِّ مسلم ومسلمة تعلم ثلاث هذه المسائل والعمل بهن ] .

قال شيخنا غفر الله له وأحسن إليه :

▪قوله :[ اعلم ] هذه الكلمة قلنا فيما سبق ، أنها كلمة يؤتى بها للاهتمام بما بعدها ومعناها : تعلم وافهم وتيقن .

▪قوله :[ رحمك الله ] هذا دعاء لك بالرحمة ، وهذا أيضًا كما سبق في أن المعلم ينبغي أن يتلطف مع المتعلم ، وأن يدعو له ويرغبه ، فإن هذا من أعظم وسائل التعليم ، ولا ينبغي له أن يقابل المتعلم بالقسوة والشدة والغلظة ، لأن هذا ينفر عن العلم ، ثم هذا أيضًا يدل على النصح من الشيخ رحمه الله ، وأنه يريد النصيحة والمنفعة والتوجيه السديد .

▪قوله :[ أنه يجب ] الوجوب معروف عند الأصوليين ، والواجب هو الشيء الذي لا بد منه ، وقد عرفه الأصوليون بأنه : ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه ،
وأصل الوجوب في اللغة : الثبوت والاستقرار يقال : وجب كذا أي : ثبت واستقر ، قال تعالى في البدن :﴿ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ﴾ أي : سقطت على الأرض واستقرت ميتة بعد ذكائها فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا .

▪فقوله :[ يجب ] يدل على أن الأمر ليس من باب الاستحباب ، من شاء فعل ومن شاء ترك ، بل الأمر من باب الإلزام من الله سبحانه وتعالى ، ليس هذا الإيجاب من قبل الشيخ ، وإنما هو من قبل الله عز وجل فيما أنزل في الكتاب والسنة من إلزام العباد بهذه المسائل .

▪قوله :[ يجب على كل مسلم ومسلمة ]
أي : يجب على كل ذكر وأنثى من المسلمين سواء كانوا أحرارًا أو عبيدًا أو ذكورًا أو إناثًا ، لأن المرأة تشارك الرجل في كثير من الواجبات إلا ما خصه الدليل بالرجال ، فإنه يختص بهم ، مثل وجوب صلاة الجماعة في المساجد ، وصلاة الجمعة ومثل زيارة القبور فإنها خاصة بالرجال ، ومثل الجهاد في سبيل الله فإنه خاص بالرجال .
فما دل الدليل على اختصاصه بالرجال فإنه يختص بهم ، وإلا فإن الأصل أن الرجال والنساء سواء في الواجبات وتجنب المحرمات وسائر التكاليف .

↫  ومن ذلك أن تعلم العلم واجب على الرجال والنساء ، لأنه لا يمكن عبادة الله جل وعلا التي خلقنا من أجلها إلا بتعلم العلم الذي نعرف به عبادة ربنا ، فهذا واجب على الرجال والنساء أن يتعلموا أمور دينهم ، لا سيما أمور العقيدة .

▪قوله :[ ثلاث مسائل ] التعلم هنا معناه :
التلقي عن العلماء والحفظ والفهم والإدراك ، هذا هو التعلم ،
ليس المراد مجرد قراءة أو مطالعة حرة كما يسمونها ، هذا ليس تعلما إنما التعلم هو : التلقي عن أهل العلم مع حفظ ذلك وفهمه وإدراكه تمامًا ، هذا هو التعلم الصحيح .
أما مجرد القراءة والمطالعة فإنها لا تكفي في التعلم وإن كانت مطلوبة ، وفيها فائدة لكنها لا تكفي ، ولا يكفي الاقتصار عليها .

⇦ ولا يجوز التتلمذ على الكتب كما هو الواقع في هذا الوقت ، لأن التتلمذ على الكتب خطير جدا يحصل منه مفاسد وتعالم أضر من الجهل ، لأن الجاهل يعرف أنه جاهل ويقف عند حده ، لكن المتعالم يرى أنه عالم فيحل ما حرم الله ، ويحرم ما أحل الله ، ويتكلم ويقول على الله بلا علم ، فالمسألة خطيرة جدا .

⇦ فالعلم لا يؤخذ من الكتب مباشرة إنما الكتب وسائل ، أما حقيقة العلم فإنها تؤخذ عن العلماء جيلًا بعد جيل ، والكتب إنما هي وسائل لطلب العلم .

   ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ

✍ يتبع إن شــاء الله تعالــى

العدد 15 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ

📌 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ     
     لمعالي شيخنا العﻻمة الدكتور /
صَالِح بنُ فَوزان الفَوزَان -حَـفظهُ الله-
      ▫العَــــ15ــدَدُ▫

📄 قال اﻹمام المجدد : محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغفر له :

[ ( قال الشافعي رحمه الله :
لَوْ مَا أَنْزَلَ اللهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ إلا هذه السورة لكفتهم ) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى :( بَابُ العِلْمُ قبل القول والعمل .
والدليل :﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ فبدأ بالعلم قبل القول والعمل ) ] .
   ــــــــــــــــــــــ

💡 قال شيخنا غفر الله له وأحسن إليه :
قوله :
▫[ الشافعي ] هو : الإمام محمد بن إدريس الشافعي ، نسبة إلى جده الرابع اسمه شافع ، وهو من قريش ، من بني المطلب ، توفي سنة ٢٠٤ هـ ، وهو أحد الأئمة الأربعة
⇦ وقال هذه المقالة ، لأن الله بين في هذه السورة أسباب الشقاوة وأسباب السعادة .

↫ فأسباب السعادة :
أن يتصف الإنسان بهذه الصفات الأربع :
❒ العلم
❒ والعمل
❒ والدعوة
❒ والصبر على الأذى في سبيل الله تعالى .

← فقامت الحجة من الله على خلقه بهذه السورة ، إن الله سبحانه يقول لهم :
إني قد بينت لكم أسباب السعادة في هذه السورة القصيرة المختصرة .
والقرآن كله والسنة هما تفاصيل لهذه المسائل الأربع ،
لكن هذه السورة بينت أسباب السعادة مجملة ، فقامت بها الحجة على الخلق ،
وبقية نصوص القرآن والسنة مفصِّلَة ومبينة لهذه المسائل الأربع .

وليس معنى كلام الشافعي أن هذه السورة تكفي الناس ، لو ما أنزل الله غيرها ، لكنها أقامت الحجة عليهم ، لأن الله بين فيها أسباب السعادة ، وأسباب الشقاوة ، فلا أحد يوم القيامة يقول :
أنا لا أعرف أسباب السعادة ، ولا أعرف أسباب الشقاوة ، وهو يقرأ هذه السورة المختصرة الوجيزة .

▫ [ البخاري ] هو : الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري ، نسبة إلى بخارى بلدة في المشرق ، إمام أهل الحديث وجبل الحفظ - رحمه الله - صاحب الصحيح الذي هو أصح الكتب بعد كتاب الله .

▫قوله :[ العلم قبل القول والعمل ]
لأن العمل لا ينفع إلا إذا كان مبنيا على علم ، أما العمل المبني على جهل فإنه لا ينفع صاحبه ، بل يكون وبالًا وضلالًا عليه يوم القيامة ، فلا بد أن يقدم تعلم العلم قبل العمل .

▫قوله :[ والدليل ] أي : على هذه الترجمة قوله تعالى :﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ حيث بدأ بالعلم ،
وقوله تعالى :﴿ وَاسْتَغْفِرْ ﴾ هذا هو العمل ،
فبدأ سبحانه بالعلم قبل العمل ،
لأن العمل إذا كان على جهل فإنه لا ينفع صاحبه ، فيبدأ الإنسان بالعلم أولًا ، ثم يعمل بما علمه ، هذا هو الأساس .

   ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ
✍  يتبــع إن شــاء الله تعالــى

العدد 14 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ

📌 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ     
     لمعالي شيخنا العﻻمة الدكتور /
صَالِح بنُ فَوزان الفَوزَان -حَـفظهُ الله-
      ▫العَــــ14ـــدَدُ▫

🔄وصلنا إلى قول شيخنا حفظه الله :

«فمن اتصف بهذه الصفات الأربع نجى من هذه الخسارة .
ولا يمكن الإيمان بالله إلا بالعلم الذي هو معرفة الله .
▫﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ أي : عملوا الأعمال الصالحة ، من واجبات ومستحبات ، فاستغلوا وقتهم بعمل الصالحات ، بما يفيدهم في دينهم ودنياهم ، حتى العمل للدنيا فيه خير وفيه أجر ، إذا قصد به الاستعانة على الطاعة ، فكيف بالعمل للآخرة ، المهم أنك لا تضيع الوقت ، بل تستعمله في شيء يفيدك وينفعك .

▫﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾ أمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، ودعوا إلى الله عز وجل ،  وعلموا العلم النافع ،  ونشروا العلم والخير في الناس ، أصبحوا دعاة إلى الله عز وجل .

▫﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ صبروا على ما ينالهم
↫  والصبر في اللغة : الحبس ،
والمراد به هنا : حبس النفس على طاعة الله ، وهو ثلاثة أنواع :

❒ الأول : صبر على طاعة الله .
❒ الثاني : صبر عن محارم الله .
❒ الثالث : صبر على أقدار الله .

🔻فالأول : صبر على طاعة الله ،
لأن النفس تريد الكسل وتريد الراحة ،

فلا بد أن يصبرها الإنسان على الطاعة وعلى الصلاة وعلى الصيام وعلى الجهاد في سبيل الله ، وإن كانت تكره هذه الأمور ، يصبرها ويحبسها على طاعة الله .

🔻والثاني : صبر على محارم الله ، النفس تريد المحرمات ، والشهوات ، إنها تميل إليها وتنزع إليها ، فلا بد أن يربطها ويحبسها عن المحرمات ، وهذا يحتاج إلى صبر ، وليس من السهل منع النفس عن الشهوات المحرمة ، من ليس عنده صبر فإن نفسه تتغلب عليه وتجنح إلى المحرمات .

🔻الثالث : الصبر على أقدار الله
المؤلمة : المصائب التي تصيب الإنسان من موت قريب ، أو ضياع مال ، أو مرض يصيب الإنسان ، لا بد أن يصبر على قضاء الله وقدره ، لا يجزع ولا يتسخط ، بل يحبس اللسان عن النياحة والتسخط ، ويحبس النفس عن الجزع ، ويحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ، هذا هو الصبر على المصائب .

🔰أما المعائب فلا يصبر عليها بل يتوب إلى الله وينفر منها ، ولكن عند المصائب التي لا دخل لك فيها ، بل هي من الله عز وجل ، قدّرها عليك ابتلاء وامتحانًا ، أو عقوبة لك على ذنوب فعلتها ،  كما في قوله تعالى :
﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ .

⬅ فإذا حصلت للمسلم مصيبة في نفسه أو ماله أو ولده أو قريبه أو أحد إخوانه من المسلمين ، فعليه بالصبر والاحتساب ،
قال تعالى :﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ○ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ .

🏼هذا هو الصبر ،  ومن ذلك الصبر على الأذى في الدعوة إلى الله عز وجل ، فإن هذا من المصائب ، فعليك أن تصبر على ما تلقى من الأذى في سبيل الخير ، ولا تنثني عن فعل الخير ، لأن بعض الناس يريد فعل الخير لكن إذا واجهه شيء يكرهه قال:
ليس من الواجب علي أن أدخل نفسي في هذه الأمور ، ثم يترك التعليم إن كان معلمًا ، يترك الدعوة إلى الله ،
يترك الخطابة إن كان خطيب مسجد ،
يترك إمامة المسجد ، يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، هذا لم يصبر على ما ناله من الأذى .

🏼وإذا كنت مخطئًا عليك بالرجوع إلى الحق والصواب ،  أما إن كنت على حق ولم تخطئ ،  فعليك بالصبر والاحتساب ،  واستشعر أن هذا في سبيل الله عز وجل ، وأنك مأجور عليه ، وتذكر ما حصل للأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، من الأذى وكيف صبروا وجاهدوا في سبيل الله حتى نصرهم الله عز وجل .

   ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ
✍ يتــبع إن شــاء الله تعالــى

العدد 13 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ

📌 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ     
     لمعالي شيخنا العﻻمة الدكتور /
صَالِح بنُ فَوزان الفَوزَان -حَـفظهُ الله-
      ▫العَــــ 13ـــدَدُ▫

🔄 وصلنا إلى قول الشّيخ حفظه الله :
« فالله يقسم بما شاء ولا يقسم إلا بما له أهمية وفيه عبرة ،

☜ ما هي العبرة في هذا الزمان ؟ .
العبر عظيمة ، تعاقب الليل والنهار ، وتقارضهما ، هذا يأخذ من هذا ، وهذا يأخذ من هذا ، يطول هذا ، ويقصر هذا .
▫تعاقبهما على هذا النظام العجيب الذي لا يتخلف ولا يتغير .
⏪ هذا دليل على قدرة الله سبحانه وتعالى ، ثم ما يجري في هذا الوقت من الحوادث والكوارث ، ومن المصائب ومن النعم ومن الخيرات ، ما يجري في هذا الوقت ، هذا من العبر .

⏪وكذلك فإن الليل والنهار مجال للعمل الصالح قال تعالى :
﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً ﴾ أي : يتعاقبان ،
يخلف هذا هذا ﴿ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾
وفي بعض القراءات:﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذْكُر﴾

🏼فالليل والنهار كسب عظيم لمن استغلهما في طاعة الله عز وجل ، ومجال العمل هو الليل والنهار ، ما عندك غير الليل والنهار ، هما مجال العمل والكسب الطيب للدنيا والآخرة .
في الليل والنهار عبر وفوائد ،

↩ لذلك أقسم الله بالعصر .
ما هو جواب القسم ؟ .
هو قوله :﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
الإنسان جميع بني آدم لم يستثن أحدا لا الملوك ولا الرؤساء ، ولا الأغنياء ، ولا الفقراء ، ولا الأحرار ، ولا العبيد ، ولا الذكور ولا الإناث ،

⬅ فـ ( أل ) في الإنسان للاستغراق ،
كل بني آدم في خسر ،

↫  أي : في خسارة وهلاك إذا ضيعوا هذا الوقت الثمين ، واستعملوه في معصية الله ، وفيما يضرهم .

وهذا الوقت الذي هو رخيص عند كثير من الناس ، يطول عليهم الوقت ، يملون ويقولون : نريد قتل الوقت ، يأتون بالملهيات ، أو يسافرون للخارج لقضاء العطلة والوقت ، أو يضحكون ويمزحون لقطع الوقت ،

⇦ فهؤلاء الذين قطعوه وضيعوه ، سيكون خسارة وندامة عليهم يوم القيامة ،
وهو مصدر سعادتهم لو حافظوا عليه.
🏼فجميع بني آدم في خسارة وهلاك إلا من اتصف بأربع
صفات هي
🔸العلم ،
🔸والعمل ،
🔸والدعوة إلى الله ،
🔸والصبر على الأذى .
⬅ فمن اتصف بهذه الصفات الأربع نجى من هذه الخسارة .
ولا يمكن الإيمان بالله إلا بالعلم الذي هو معرفة الله . »

📌- نكتفي بهذا القدر ونكمل في العدد القادم إن شاء الله تبارك وتعالى

   ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ

العدد 12 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ

📌 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ     
     لمعالي شيخنا العﻻمة الدكتور /
صَالِح بنُ فَوزان الفَوزَان -حَـفظهُ الله-
      ▫العَــــ12ـــدَدُ▫

⏪[ الدليل على المسائل الأربع ]⏩

🔲قال اﻹمام المجدد : محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغفر له :
[ والدليل قوله تعالى :﴿ وَالْعَصْرِ ○ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ○ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ ] .
ــــــــــــــــــــــ
🔲 قَالَ الشّيخ الشّارح -حَفظُهُ الله-:

↢  هذه المسائل الأربع يجب أن تتعلمها بالتفصيل .
هل من دليل على ما قاله الشيخ ؟ .

إن هذه المسائل الأربع يجب علينا تعلمها ، وهو وعدنا أنه لا يقول شيئا إلا بدليل ،
فأين الدليل ؟

قال :[ الدليل على ذلك قوله تعالى :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ﴿ وَالْعَصْرِ ○ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْر ○ٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ ] .

✺ إلا الذين آمنوا :

🔻 هذه هي المسألة الأولى :
☜ العلم ، لأن الإيمان لا يكون إلا بعلم
وهو :
▪معرفة الله عز وجل ،
▪ومعرفة نبيه ،
▪ومعرفة دين الإسلام بالأدلة .

🔻 المسألة الثانية :
وعملوا الصالحات ،
☜ هذا العمل بالعلم .

🔻 المسألة الثالثة :
وتواصوا بالحق ،
☜ فهذه الدعوة إلى العلم والعمل .

🔻المسألة الرابعة :
☜ وتواصوا بالصبر ، على الأذى في سبيل الدعوة إلى العلم والعمل .

📌فقوله سبحانه :﴿ والعصر ﴾ .
الواو : واو القسم .
والعصر اسم مقسم به مجرور ، وعلامة جره الكسرة ،
والمراد به الوقت والزمان .
⏪ أقسم الله تعالى بالزمان والوقت
وهو مخلوق ،
❍ والله جل وعلا يقسم بما شاء من الخلق ،
❍ والمخلوق لا يقسم إلا بالله .

☝والله لا يقسم إلا بشيء له أهمية ، وفيه آية من آياته سبحانه وتعالى .

فهذا الزمان فيه عبرة وله أهمية ، ولذلك أقسم الله بالعصر ، وبالليل إذا يغشى ، وأقسم بالضحى .

❒ أما المخلوق فإنه لا يقسم إلا بالله ،
ولا يجوز لنا أن نحلف بغير الله ،
● قال ﷺ :« من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك »
● وقال :« من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت » .

↢  فالله يقسم بما شاء ولا يقسم إلا بما له أهمية وفيه عبرة .....

   ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ
✍ يُتــبع إن شــاء الله تعالــى .