←الحلقة الرابعة→
● قالوا في اللسان:
«عَثْرَةُ القَدَمِ أَسْلَمُ مِنْ عَثْرَةِ اللِّسَانِ»، لأنه كما قيل في المثل الآخَرِ: «عَثْرَةُ الرِّجْلِ عَظْمٌ يُجْبَرُ، وَعَثْرَةُ اللِّسَانِ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ»، ولذلك قالوا أيضًا: «كَلْمُ اللِّسَانِ أَنْكَى مِنْ كَلْمِ الحُسَامِ»، [نَكَى ونَكَأَ الجُرْحَ: قَشَرَه قبل أن يبرأَ، ومعناه: أنَّ الجرح الذي يُحدثه اللسانُ أشدُّ إيلامًا مِن جرح السيف].
هذا، وقد رمق شعراؤنا سماءَ هذه الأمثال فنظموها في أبياتٍ من الشعر فقالوا عن الأوَّل والثاني:
يَمُوتُ الفَتَى مِنْ عَثْرَةٍ بِلِسَانِهِ * وَلَيْسَ يَمُوتُ المَرْءُ مِنْ عَثْرَةِ الرِّجْلِ
فَعَثْرَتُهُ مِنْ فِيهِ تَرْمِي بِرَأْسِهِ * وَعَثْرَتُهُ بِالرِّجْلِ تَبْرَا عَلَى مَهْلِ
وقالوا عن الثالث:
جِرَاحَاتُ السِّنَانِ لَهَا الْتِئَامٌ * وَلَا يَلْتَامُ مَا جَرَحَ اللِّسَانُ
وَقَدْ يُرْجَى لِجُرْحِ السَّيْفِ بُرْءٌ * وَجُرْحُ الدَّهْرِ مَا جَرَحَ اللِّسَانُ
وقد حذَّر الشافعيُّ ـ رحمه الله ـ من خطر اللسان فقال:
احْفَظْ لِسَانَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ * لَا يَلْدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعْبَانُ
كَمْ فِي المَقَابِرِ مِنْ قَتِيلِ لِسَانِهِ * كَانَتْ تَهَابُ لِقَاءَهُ الأَقْرَانُ
وصدق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إذْ يقول: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ» [رواه مسلم (7673)].
[«مجمع كنوز الأمثال» كمال خلايلي (232)]
انتهى.
النقل من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ محمد بن علي فركوس -حفظه الله تعالى-.
....................