←الحلقة الثانية→
●《نفسُ عصامٍ سوَّدتْ عصامًا》
قيل:
إنه عصام بن شهبر حاجبُ النعمان بن المنذر الذي قال له النابغة الذبيانيُّ حين حَجَبَهُ عن عيادة النعمان من قصيدةٍ له:
فَإِنِّي لَا أَلُومُكَ فِي دُخُولٍ * وَلَكِنْ مَا وَرَاءَكَ يَا عِصَامُ؟
يُضرب المثل في نباهة الرجل من غير قديمٍ، وهو الذي تسمِّيه العربُ «الخارجيَّ»، يعنى أنه خرج بنفسِه مِن غيرِ أوَّليةٍ كانتْ له، قال كثير:
أَبَا مَرْوَانَ لَسْتَ بِخَارِجِيٍّ * وَلَيْسَ قَدِيمُ مَجْدِكَ بِانْتِحَالِ
وفي المثلِ: «كُنْ عِصَامِيًّا، وَلَا تَكُنْ عِظَامِيًّا»
وقيل:
نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامَا * وَعَلَّمَتْهُ الكَرَّ وَالإِقْدَامَا،، وَصَيَّرَتْهُ مَلِكًا هُمَامَا
يقال:
إنه وُصِف عند الحجَّاج رجلٌ بالجهل وكانت له إليه حاجةٌ، فقال في نفْسِه: لأختبرنَّه، ثمَّ قال له حين دخل عليه: «أَعِصَامِيًّا أَنْتَ أَمْ عِظَاميًّا؟»، يريد: «أَشَرُفْتَ أنتَ بنفسك أم تفخر بآبائك الذين صاروا عظامًا؟»، فقال الرجلُ: «أنا عصاميٌّ وعظاميٌّ»، فقال الحجَّاج: «هذا أفضلُ الناس»، وقضى حاجتَه وزاده، ومكث عنده مدَّةً، ثمَّ فاتشه فوجده أجهلَ الناس، فقال له: «تَصْدُقُني وإلَّا قتلْتُك»، قال له: «قل ما بدا لك وأَصْدُقُك»، قال: «كيف أَجَبْتَني بما أجبْتَ لمَّا سألتُك عمَّا سألتُك؟» قال له: «والله لم أَعْلَمْ: أعصاميٌّ خيرٌ أم عظاميٌّ، فخشيتُ أن أقولَ أحدَهما فأخطئَ، فقلت: أقول كليهما، فإن ضرَّني أحدُهما نفعني الآخَرُ».
وكان الحجَّاجُ ظنَّ أنه أراد: أفْتَخِرُ بنفْسي لفضلي، وبآبائي لشرفِهم، فقال الحجَّاجُ عند ذلك: «المقادير تُصيِّر العَيَّ خطيبًا»، فذهبتْ مثلًا.
[«مجمع الأمثال» (2/ 371)].
انتهى.
النقل من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ محمد بن علي فركوس -حفظه الله تعالى-.
.....................