احدث المواضيع

مقالات

العدد 17 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ

📌 سِــلسِلةُ شــَرحِ اﻷُصُولِ الثَّــﻻَثةِ     
     لمعالي شيخنا العﻻمة الدكتور /
صَالِح بنُ فَوزان الفَوزَان -حَـفظهُ الله-
      ▫العَــــ17ـــدَدُ▫

قال اﻹمام المجدد : محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغفر له :
[ الأُولَى : أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلًا ] .
ــــــــــــــــــــــــــ

قال شيخنا غفر الله له وأحسن إليه :

▪قوله:[ الأولى : أن الله خلقنا ]
أي: أوجدنا من العدم ، فنحن من قبل أن يخلقنا لم نكن شيئًا ، كما قال تعالى :﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾
وقال سبحانه :﴿ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴾
كان الإنسان قبل أن يخلق ليس بشيء ، والذي أوجده وخلقه هو الله عز وجل ، قال تعالى :﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾ .

▪قوله :[ ورزقنا ] لما كنا نحتاج إلى الرزق إلى الطعام والشراب والملابس والمساكن والمراكب والمصالح ، علم سبحانه حاجتنا ، فسخر لنا ما في السماوات والأرض ، كله لمصالحنا ، من أجل بقائنا على قيد الحياة ، ومن أجل أن نستعين بذلك على ما خلقنا لأجله ، وهو عبادة الله سبحانه وتعالى .

▪قوله :[ ولم يتركنا هملا ] الهمل : هو الشيء المهمل المتروك الذي لا يُعبأ به ، فالله خلقنا ورزقنا لحكمة ، ما خلقنا عبثا ولا سدى قال تعالى :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾
وقال سبحانه :﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ○ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ○ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ﴾
وقال :﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ .

⇦ الله إنما خلقنا وخلق لنا هذه الأرزاق والإمكانيات ، لحكمة عظيمة ، وغاية جليلة ، وهي أن نعبده سبحانه وتعالى ،
⇦ ولم يخلقنا كالبهائم التي خلقت لمصالح العباد ثم تموت وتذهب ، لأنها ليست مكلفة ولا مأمورة ولا منهية ، إنما خلقنا لعبادته كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ○ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُون ○ِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ ولم يخلقنا لهذه الحياة الدنيا فقط نعيش فيها ، ونسرح ونمرح ونأكل ونشرب ونتوسع فيها ، وليس بعدها شيء ، وإنما الحياة مزرعة وسوق للدار الآخرة ، نتزود فيها بالأعمال الصالحة ، ثم نموت وننتقل منها ، ثم نبعث ، ثم نحاسب ونجازى بأعمالنا .
⬅ هذه هي الغاية من خلق الجن والإنس ، والدليل على ذلك آيات كثيرة تدل على البعث والنشور والجزاء والحساب ،
والعقل يدل على هذا ، فإنه لا يليق بحكمة الله سبحانه وتعالى ، أن يخلق هذا الخلق العجيب ، وأن يسخر هذا الكون لبني آدم ، ثم يتركهم يموتون ويذهبون بدون نتيجة ، هذا عبث ، فلا بد أن تظهر نتائج هذه الأعمال في الدار الآخرة .
↫ ولهذا قد يكون من الناس من يفني عمره في عبادة الله وفي طاعته ، وهو في فقر وفي حاجة ، وقد يكون مظلومًا مضغوطًا عليه ومضيقًا عليه ، ولا ينال شيئًا من جزاء عمله في هذه الدنيا ، وعلى العكس يكون من الناس ، كافر ملحد شرير ، يسرح ويمرح في هذه الحياة ، ويتنعم ويعطى ما يشتهي ، ويرتكب ما حرم الله ، ويظلم العباد ويعتدي عليهم ، ويأكل أموالهم ، ويقتل بغير حق ، ويتسلط ويتجبر ، ثم يموت على حاله ،  ما أصابه شيء من العقوبة ،  هل يليق بعدل الله سبحانه وتعالى
وحكمته ، أن يترك هذا المطيع بدون جزاء ، وأن يترك هذا الكافر بدون مجازاة ، هذا لا يليق بعدله سبحانه وتعالى .
● ولذلك جعل دارًا أخرى ، يجازى فيها المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، فتظهر فيها ثمرات الأعمال .
فالدنيا دار عمل ، وأما الآخرة فهي دار جزاء ، إما جنة وإما نار ،
⬅ ولم يتركنا هملًا كما يظن الملاحدة والدهريون ، قال تعالى :﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ هذه مقالة الملاحدة الذين لا يؤمنون بالبعث والنشور .
وقد أنكر الله عز وجل عليهم فقال :
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِين ○َ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ وقال تعالى :﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾
وقال تعالى :﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ فهذا لا يمكن ولا يكون أبدًا .
   ـــــــ
✍ يتبع إن شــاء الله تعالــى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق