احدث المواضيع

مقالات

طريق الخلاص

طريق الخلاص

----------------------------

قال العلّامة حمود التويجري رحمه الله:

"وفي زماننا هذا قد استولت الكآبة والهم والغم على كل مسلم في قلبه حياة وغَيْرةٌ دينية، وذلك لِمَا يَرى من تضعْضع الإسلام وأهله، وتداعي الأمم عليهم من كل جانب، ولِما يُرى من تنافس المسلمين في الأمور الدنيوية، وجدّهم واجتهادهم فيما لا يجدي شيئا، وإعراضهم عما فيه عزهم ومجدهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وما أصابهم من الوهَن والتخاذل، وتفرق الكلمة، وذهاب الريح، ونزع المهابة من صدور الأعداء.

وكل هذه المصائب المؤلمة من ثمرات الذنوب والمعاصي، ومخالفة السنة النبوية والطريقة السلفية، قال الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، وقال تعالى: {ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، ولا ترى مسلما نوّر الله قلبه بنور العلم والإيمان إلا وهو في زماننا كالقابض على الجمر، لا يزال متألما متوجعا لِما يَرى من كثرة النقص والتغيير في جميع أمور الدين، وانتقاض الكثير من عُرى الإسلام، والتهاون بمبانيه العظام، ولقلة أعوانه على الخير، وكثرة من يعارضه ويناويه، فإن أَمَرَ بالمعروف لم يُقبل منه، وإن نَهَى عن المنكر لم يأمن على نفسه وماله، وأقل الأحوال أن يسخر منه ويستهزأ به، وينسب إلى الحمق وضعف الرأي، حيث لم يمشِ حاله مع الناس، وربما قمع مع ذلك وقهر واضطهد كما رأينا ذلك."

●غربة الإسلام [١١٢/١]

-----------------

قال الإمام ابن أبي العز الحنفي رحمه الله في شرح العقيدة الطحاوية :
[فَإِذَا أَرَادَ الرَّعِيَّةُ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ ظُلْمِ الْأَمِيرِ الظَّالِمِ ، فَلْيَتْرُكُوا الظُّلْمَ]

قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- في تعليقه على متن الطحاوية: 
[ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا، ولا ندعوا عليهم، ولا ننزع يداً من طاعتهم].
 
قال الشيخ الألباني في الهامش:
 (قد ذكر الشارح في ذلك أحاديث كثيرة تراها مُخَرَّجة في كتابه، ثم قال ـ أي الشارح ـ "وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات فإن الله ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتربية وإصلاح العمل. قال تعالى: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير فليتركوا الظلم).

ثم علق الألباني على كلام الشارح فقال:
 (وفي هذا بيان لطريق الخلاص من ظلم الحكام الذين هم «من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا» وهو أن يتوب المسلمون إلى ربهم، ويصححوا عقيدتهم، ويربوا أنفسهم وأهليهم على الإسلام الصحيح، تحقيقا لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)، وإلى ذلك أشار أحد الدعاة المعاصرين بقوله:
"أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم، تقم لكم على أرضكم". وليس طريق الخلاص ما يتوهم بعض الناس، وهو الثورة بالسلاح على الحكام بواسطة الانقلابات العسكرية، فإنها مع كونها من بِدَع العصر الحاضر، فهي مخالفة لنصوص الشريعة التي منها الأمر بتغيير ما بالأنفس، وكذلك فلابد من إصلاح القاعدة لتأسيس البناء عليها (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

نقلاً من كتاب
 [العقيدة الطحاوية، شرح وتحقيق محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى سنة 1420)، طبعـة المكتب الإسلامي -بيروت- الطبعة الثانية (1414هـ) الصفحة رقم (47)]

--------------
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق