احدث المواضيع

مقالات

سلسلة: "ملح ونوادر" ((من غريب اللغة))




←الحلقة الثامنة→



● ((من غريب اللغة))


قال أبو الحسن: كان غلامٌ يقعِّر في كلامه فأتى أبا الأسود الدؤليَّ يلتمس بعضَ*ما عنده، فقال له أبو الأسود: «ما فعل أبوك»، قال: «أخَذتْهُ الحُمَّى فطبَخَتْه طبْخًا، وفتَخَتْه فتخًا، وفضخته فضخًا، فتَرَكَتْه فرخًا»، فقال أبو الأسود: «فما فعلت امرأته التي كانت تُشَارُّهُ وتُمارُّهُ وتُهارُّهُ وتُزارُّهُ»، قال: «طلَّقها وتزوَّجتْ غيرَه فرَضِيَتْ وحَظِيَتْ وبَظِيَتْ»، قال أبو الأسود: «قد علمنا: رضيت وحظيت، فما بظيت؟»، قال: «بظيت حَرْفٌ من الغريب لم يَبْلُغْكَ»، قال أبو الأسود: «يا بُنيَّ كلُّ كلمةٍ لا يعرفها عمُّك فاسترها كما تستر السِّنَّوْر خَرْءَهَا».



قال أبو الحسن: مرَّ أبو علقمة النحويُّ ببعض طرق البصرة وهاجت به مرَّةً، فوثب عليه قومٌ منهم فأقبلوا يعضُّون إبهامَه ويؤذِّنون في أذنه، فأفلت من أيديهم فقال: «ما لكم تَتَكَأْكَأُونَ عليَّ كأنَّكم تتكأكأون على ذي جِنَّةٍ، افْرَنْقِعُوا عنِّي»، قالوا: «دَعُوه فإنَّ شيطانه يتكلَّم بالهندية».



وقال أبو الحسن: هاج بأبي علقمة الدم، فأُتِيَ بحجَّامٍ فقال للحجَّام: «اشدُدْ قصب الملازم، وأَرْهِفْ ظباتِ المشارط، وأسرِعِ الوضعَ، وعجِّلِ النزع، وليكن شرطك وخزًا، ومصُّك نهزًا، ولا تُكرهنَّ أبيًّا، ولا تردَّن أتيًّا»، فوضع الحجَّام محاجمه في جونته وانصرف.




[«البيان والتبيين» للجاحظ (1/ 38)]




انتهى.




  النقل من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ محمد بن علي فركوس -حفظه الله تعالى