احدث المواضيع

مقالات

صفات المرأة الصالحة / الشيخ محمد بن سعيد رسلان -حَـفظَهُ الله-

 
:::: صفات المرأة الصالحة  ::::


فقَد قالَ النبيُّ –صلى الله عليه وآله وسلم- في بيانِ صِفاتِ المَرأةِ الصالِحَة:

((الدُّنيا مَتاع وخيرُ متاعِها المَرأةُ الصالِحةُ, التي إذا نَظرَ إليهَا سَرَّته, وإذا غابَ عنها حفِظَته في نَفسِها ومالِه))
((الدُّنيا مَتاع وخيرُ متاعِها الزوجةُ الصالحةُ, إذا نَظرَ إليهَا سرَّته, وإذا أمَرهَا أطَاعَته, وإذا غابَ عنهَا حفِظَته في نَفسِها ومَالِه)) هذهِ الصفات هي صفاتُ المرأةِ الصالِحة.
المرأةُ الصالحةُ إذا نَظرَ إليهَا زَوجُها سرَّته, وليسَ السرورُ بالنَّظرِ إليهَا دَليلًا على التَّأنُّقِ في المَظهَرِ مِن المَلبَسِ والزينَةِ, وإنمَا أن تكونَ طَيِّبة, طيبةً في مَلبسِها, طيبةً في كلامِها, طيبةً في نفسِها, طيبةً في حركَتِها, طيبةً في سَكناتِهَا, طيبةً في إشاراتِهَا.
إذا نَظرَ إليهَا سَرَّتهُ؛ لأنَّ هذهِ الطِّيبَة التي تَكونُ فيهَا ظَاهرًا وبَاطنًا تَنعَكِسُ بالسُّرورِ على النَّاظِرِ إليهَا.
المرأةُ الصالحةُ التي إذَا نَظرَ إليهَا سرَّته, وليسَ مَعنَى ذلكَ أيضًا أنْ تكونَ بارِعةً في جمَالِهَا, ولَا فَائقةً في حُسنِها, وإنما تكونُ جمِيلَةَ الطَّبعِ, حَسنَةَ البَّاطِن, طَيِّبةَ النَّفس, فهَذا هوَ الجمَالُ الحَقُّ.
لأنَّ كثيرًا مِن النَّاس يَعكِس الأمُور كمَا هوَ في الغِنَى, كثيرًا مِن النَّاس يَحسَبُ أنَّ الغِنَى إمتلاكَ الأموالِ مع تحَصيلِها بكثرَتِهَا!!
فيقولُ النبيُّ –صلى الله عليه وسلم-: ((لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ))
فتكونُ غنيًّا لأنَّ نفسَكَ غَنيةٌ ولَا تَملِكُ شيئًا, ولكِنْ أغْنَاكَ اللهُ ربُّ العَالمِين عن خَلقِه, نَسألُ اللهَ -تباركَ وتعَالى- دَوامَ الغِنَى عن النَّاس.
فكثيرٌ مِن النَّاس يَعكِس المَسائل, ويجعَل الحَسَنَ قَبيحًا والقَبِيحَ حَسنًا!!
كثيرٌ مِن النِّساءِ تكونُ حَسنَةَ المَظهَر, جمِيلَة الطَّلعَة, بَهِيَّة الصورَة, وهيَ مُنطَويَةٌ علَى نَفسٍ خَبيثةٍ!!
فالطِّيبَةُ ليستَ بالظاهِر وإنَّما الطيبَةُ طِيبةُ البَاطِن, فتنعَكِسُ طِيبَة البَاطِن على الظاهِر حتى يَصِيرَ طيبًا, فيَصِيرُ الظاهِرُ طيبًا في اللفظِ, طيبًا في الإشارةِ, طيبًا في الكلامِ, طيبًا في الحَركةِ, طيبًا في السِّكون, طيبًا في القِيام, طيبًا في القُعود, يَصيرُ طيبًا في كلِّ شيءٍ, إذا نَظرَ إليهَا سرَّته.
وَإذا أمَرهَا أطاعَته, إذَا أمَرهَا بأمرٍ لَا يُخالِف الشَّرع, المَرأةُ الصالِحةُ لَا تُجيبُ في أمْرٍ يُخالِفُ الشَّرع, وَإلَّا مَا كَانَت صَالِحة, فإنَّه لَا طَاعَة لِمَخلوقٍ في مَعصِيةِ الخَالِق.
يَقولُ الرسولُ –صلى الله عليه وآله وسلم- لِمُعاذٍ, وكانَ قَد سَافَر إلى اليَمَنِ ثمَّ جَاء, فلمَّا دَخَلَ على النَّبيِّ سَجَدَ لهُ
فقَال: ((مَا هَذا يَا مُعاذ؟)) لأنَّ السجودَ لَا يَكونُ إلَّا للهِ
قَال: ((مَا هَذا؟!))
قَالَ: إنَّهُم يَسجُدونَ لبَطَارِقَتِهِم, فَأنتَ أَوْلَى بالسُّجودِ لكَ يا رَسولَ الله
فقَال النَّبيُّ –صلى الله عليه وسلم- مُصحِّحًا؛ لأنَّ السُّجودَ لَا يكونُ إلَّا للهِ وَحدَه:
((لَوْ كُنتُ آمرًا أحدًا أنْ يَسجُدَ لِأحدٍ؛ لأَمَرتُ المَرأةَ أنْ تَسجُد لزَوجِهَا؛ لِعظِيمِ حَقِّهِ عليهَا, والذِي نَفسِي بِيَده لو كانَ مِن مَفرِقِ رَأسِه إلى أَخمَصِ قَدَمِه قَيحًا, تَبُضُّ قَيحًا وَصَدِيدًا فَاستَقبَلَتهُ فَلعَقَتهُ بِلسَانِها مَا وَفَّتهُ حَقَّهُ عليهَا))
ومَع ذَلك لَا تُؤمَرُ بِالسُّجودِ له, لَا طَاعَة لِمَخلوقٍ في مَعصِيةِ الخَالِق, أنَّمَا الطَّاعَةُ في المَعروفِ.
وإذَا أمَرهَا أطَاعَته, لأنَّ النبيَّ –صلى الله عليه وآله وسلم- لمَّا ذَكرَ الأمْرَ الذِي يَكونُ بَيْنَ الرَّجُل والمَرأَة, بَيَّنَ أنَّ الرَّجُل إذَا أرادَ امرَأتَه علَى ذَلك فَامتَنَعَت عنهُ؛ تَبِيتُ المَلائكَةُ لَاعِنَةً لهَا حتى تُصبِح.
إذَا بَاتَ زَوجُها غَضبَان علَيهَا؛ فإنَّ المَلائكةَ تَلعَنُها حتى تُصبِح.
وأمَرَ النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- المَرأةَ ألَّا تمتَنِع علَى زوجِهَا إذَا أرَادَهَا, ولَو علَى قَتَبِ بَعيرٍ مُبَالَغَةً في تَحقِيقِ هذا الأَمر؛ لأنَّها إنْ لم تَفعَل ذَلِك إلتَمَسْهُ عندَ غَيرِهَا, فَيكونُ الزَّواجُ بَدلَ أنْ يَكونَ تَحصِيدًا, يَكونُ مَدْعَاةً لِلانفِلاتِ الخُلُقِي في المُجتَمَعِ.
وفِي مُقابلِ هَذا جَعلَ اللهُ ربُّ العَالمِين للمَرأةِ علَى زَوجِهَا حقًّا ((وَإِنَّ لِأهلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا)).
يَقولُ رسولُ اللهِ –صلى الله عليه وآله وسلم-: ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي)).
كانَ رسولُ اللهِ وهُوَ أشرَفُ الخَلقِ, وأحَبُّهُم إلى اللهِ, وَأكرَمَهُم علَى اللهِ, وأعْلَاهُم مَقامًا عندَ اللهِ –صلى الله عليه وآله وسلم- كانَ يَكونُ في مِهنَةِ أهلِهِ, يَكونُ في البَيتِ في مِهنَةِ أهلِهِ, يَرقَعُ ثَوبَه, وَيَخسِفُ نَعلَه, وَيَحلِبُ الشَّاة, ويَكونُ في مِهنَةِ أهلِهِ –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
لَا يَستَكبِرُ علَى أمْرٍ لَا يُنقِص المُروءَة, ولَا يَستَعلِي علَى أمرٍ لَا يُغضِبُ اللهَ ربَّ العَالمِين, بَل يَكونُ أسرَعَ النَّاس إليهِ, وكانَ أعظَمُ النَّاس حِلمًا –صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُراعِي نَفسِيَّةَ مَن أمَامِهِ.
كَانت عَائشةُ –رضِي اللهُ عنهَا- عَظِيمَةَ الغَيرَةِ علَى رسُولِ اللهِ –صلى الله عليه وآله وسلم-, وكُنَّ نَساءُ النبيِّ –صلى الله عليه وآله وسلم- كَثيرَات, فكَانَ يَقسِمُ لهُنَّ؛ فلِهذِهِ لَيلَة, ولهَذِه لَيلَة, ولهَذِه لَيلَة.
فكانَ عندَ واحِدةٍ مِنهُنَّ ثمَّ انتَقَل إلى عَائشة, فلمَّا كانَ عندَ عَائشةَ؛ أَرسَلَت إليهِ وَاحِدةٌ مِن أُمَّهاتِ المؤمِنينَ طعَامًا في صَحْفَةٍ –وهُوَ إنَاءٌ مِن فَخَّارٍ-, وَكانَت مُتقِنةً مَاهِرةً في صُنعِ الطعَام, فَجاءَ الغُلامُ ومَع النَّبي بَعضُ أصحَابِه –صلى الله عليه وسلم- وَ -رَضِي اللهُ عنهُم- فَجاءَ الغُلامُ فَدَقَّ الباب, فَخرَجَت عَائشةُ...
فقَالَ لهَا الغُلام: هَذا الطعَام أرسَلتهُ فُلانَة مِن أُمهَّاتِ المُؤمِنين لِلنَّبيِّ –صلى الله عليه وسلم- وضِيفَانِهِ
فَأخَذَت عَائشةُ الصَّحفَةُ فَضرَبَت بهَا الأرض, فَتكَسَّرت وتَنَاثَرَت قِطعًا, وانتَثَرَ الطعَامُ في المَكانِ!!
هَذا أَمرٌ مُحرِجٌ... الرَّجُل لَا يَقبَلُهُ في الجُملَةِ علَى نَفسِهِ بين أصحَابِه, أنْ تَفعَلَ امرَأتُه كذَلِك بمَحْضَرٍ مِن أصحَابِه!!
يَأتِي طَعامٌ في صَحفَةٍ مِن فَخَّارٍ؛ فَتجلِدُ بهِ الأرْض حتَّى يَتنَاثَر!!
فَمَاذا صَنَعَ الرَّسول؟!
قَامَ النَّبيُّ –صلى الله عليه وسلم- يَجمَعُ ذَلكَ بِيَديْهِ وَهُوَ يَقولُ للأصحَابِ مُعتَذِرًا عن عَائشَة: غَارَت أُمُّكُم, غَارَت أُمُّكُم, غَارَت أُمُّكُم –أُمُّ المُؤمِنينَ عَائشَة-
يَقُولُ: أصَابَتهَا الغَيرَة؛ فَرَحِمَهَا النَّبيُّ –صلى الله عليه وسلم- لِغَيرَتِهَا عَليهِ, وَعَلِمَ أنَّ هَذا مِن الانفِعَالِ الذِي لَا يُحكَم, فَلمَّا وَقَعَ مِنهَا علَى هَذا النَّحوِ غَيرِ المُنضَبِطِ -لِأنَّهَا لَا تَستَطِيعُ ضَبْطَه- رَحِمَها فَاعتَذَرَ عنهَا, غَارَت أُمُّكُم, غَارَت أُمُّكُم
ثُمَّ قَالَ لهَا آمِرًا: أين صَحفَتُكِ؟
فَجاءَت بِصَحفَتِهَا
فقَال: صَحفَةٌ بِصَحفَة, فجَعلَ هَذهِ في مَكانِ التِي كُسِرَت وانتَهَى الأَمْر.