احدث المواضيع

مقالات

سلسلة: "ملح ونوادر"((هذه بتلك))




←الحلقة السابعة→



● ((هذه بتلك))


كان عمران بن حِطَّان شاعرًا شديدًا في مذهب الصُّفرية -وهي فرقةٌ من فرق الخوارج- ، وبلغ مِن خبثه في بغض عليٍّ -رضي الله- عنه أنه رثى عبد الرحمن بن ملجمٍ قاتلَ عليٍّ -رضي الله عنه- ، فقال في ضربه عليًّا:

«يَا ضَرْبَةً مِنْ مُنِيبٍ مَا أَرَادَ بِهَا * إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوَانَا

إِنِّي لَأَذْكُرُهُ يَوْمًا فَأَحْسَبُهُ * أَوْفَى البَرِيَّةِ عِنْدَ اللهِ مِيزَانَا»



🔸قال عبد القاهر: «قد أجبناه عن شعره هذا بقولنا:

يَا ضَرْبَةً مِنْ كَفُورٍ مَا اسْتَفَادَ بِهَا ** إِلَّا الجَزَاءَ بِمَا يُصْلِيهِ نِيرَانَا

إِنِّي لَأَلْعَنُهُ دِينًا وَأَلْعَنُ مَنْ ** يَرْجُو لَهُ أَبَدًا عَفْوًا وَغُفْرَانَا

ذَاكَ الشَّقِيُّ لَأَشْقَى النَّاسِ كُلِّهِمِ ** أَخَفُّهُمْ عِنْدَ رَبِّ النَّاسِ مِيزَانَا»



🔸وقال آخر في الردِّ عليه: وهو بكر بن حسَّان الباهريُّ:

«قُلْ لِابْنِ مُلْجَمَ -وَالأَقْدَارُ غَالِبَةٌ- ** هَدَمْتَ لِلدِّينِ وَالإِسْلَامِ أَرْكَانَا

فَلَا عَفَا اللهُ عَنْهُ سُوءَ فِعْلَتِهِ ** وَلَا سَقَى قَبْرَ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَا

يَا ضَرْبَةً مِنْ شَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا ** إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوَانَا

بَلْ ضَرْبَةٌ مِنْ غَوِيٍّ أَوْرَدَتْهُ لَظًى * وَسَوْفَ يَلْقَى بِهَا الرَّحْمَنَ غَضْبَانَا»



🔸قال عبد الله بن المبارك معارضًا الخارجيَّ عمران بن حِطَّان:

إِنِّي امْرُؤٌ لَيْسَ فِي دِينِي لِغَامِزَةٍ ** لِينٌ وَلَسْتُ عَلَى الأَسْلَافِ طَعَّانَا

وَفِي ذُنُوبِي إِذَا فَكَّرْتُ مُشْتَغَلٌ ** وَفِي مَعَادِيَ إِنْ لَمْ أَلْقَ غُفْرَانَا

عَنْ ذِكْرِ قَوْمٍ مَضَوْا كَانُوا لَنَا سَلَفًا ** وَلِلنَّبِيِّ عَلَى الإِسْلَامِ أَعْوَانَا

وَلَا أَزَالُ لَهُمْ مُسْتَغْفِرًا أَبَدًا ** كَمَا أُمِرْتُ بِهِ سِرًّا وَإِعْلَانَا

فَمَا الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِي الَّذِي عَمِلُوا ** بِالطَّعْنِ مِنِّي وَقَدْ فَرَّطْتُ عِصْيَانَا

فَلَا أَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَلَا عُمَرًا ** وَلَا أَسُبُّ مَعَاذَ اللهِ عُثْمَانَا

وَلَا ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ أَشْتُمُهُ ** حَتَّى أُلَبَّسَ تَحْتَ التُّرْبِ أَكْفَانَا

وَلَا الزُّبَيْرَ حَوَارِيَّ الرَّسُولِ وَلَا ** أُهْدِي لِطَلْحَةَ شَتْمًا عَزَّ أَوْ هَانَا

وَلَا أَقُولُ لِأُمِّ المُؤْمِنِينَ كَمَا ** قَالَ الغُوَاةُ لَهَا زُورًا وَبُهْتَانَا

وَلَا أَقُولُ عَلِيٌّ فِي السَّحَابِ لَقَدْ ** ـ*وَاللهِ*ـ قُلْتُ إِذًا جَوْرًا وَعُدْوَانَا

لَوْ كَانَ فِي المُزْنِ أَلْقَتْهُ وَمَا حَمَلَتْ ** مُزْنُ السَّحَابِ مِنَ الأَحْيَاءِ إِنْسَانَا

إِنِّي أُحِبُّ عَلِيًّا حُبَّ مُقْتَصِدٍ ** وَلَا أَرَى دُونَهُ فِي الفَضْلِ عُثْمَانَا

أَمَّا عَلِيٌّ فَقَدْ كَانَتْ لَهُ قَدَمٌ ** فِي السَّابِقِينَ لَهَا فِي النَّاسِ قَدْ بَانَا

وَكَانَ عُثْمَانُ ذَا صِدْقٍ وَذَا وَرَعٍ ** مُرَاقِبًا وَجَزَاهُ اللهُ غُفْرَانَا

مَا يَعْلَمُ اللهُ مِنْ قَلْبِي مُشَايَعَةً ** لِلْمُبْغِضِينَ عَلِيًّا وَابْنَ عَفَّانَا

إِنِّي لَأَمْنَحُهُمْ بُغْضِي عَلَانِيَةً ** وَلَسْتُ أَكْتُمُهُمْ فِي الصَّدْرِ كِتْمَانَا

......

إِنَّ الجَمَاعَةَ حَبْلُ اللهِ فَاعْتَصِمُوا ** بِهَا هِيَ العُرْوَةُ الوُثْقَى لِمَنْ دَانَا

اللهُ يَدْفَعُ بِالسُّلْطَانِ مُعْضِلَةً ** عَنْ دِينِنَا رَحْمَةً مِنْهُ وَرِضْوَانَا

لَوْلَا الأَئِمَّةُ لَمْ يَأْمَنْ لَنَا سُبُلٌ ** وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْبًا لِأَقْوَانَا





  [«ديوان عبد الله بن المبارك» (28)، «الفرق بين الفِرَق» للبغدادي (73)]




انتهى.




  النقل من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ محمد بن علي فركوس -حفظه الله تعالى